أكد المؤرخ المعروف د. تنيضب بن عواده الفايدي لـ “الرياض ” أن تضاؤل أداء صلاة الجماعة والتراويح في الحرمين الشريفين, وتعطلها في سائر المساجد ليست بدعا في تاريخنا الإسلامي الذي تخضبت صفحاته بمآس عظام , ومجاعات وكوارث , وأوبئة واضطرابات , وانقطاع للأمن , فترات مريرة أثارت الرعب والهلع وأدت إلى توقف ركن عظيم كالحج الذي تعطل عشرات المرات , وفي مرته الأولى كان بسبب مجزرة القرامطة , وكذلك التهجير القسري لأهالي المدينة المنورة فيما يعرف بسفر برلك , والذي أدى لانحسار كبير في أعداد المصلين في المسجد النبوي الشريف حتى راوح المجتمعون لأداء الجماعة بين الثلاثة والثمانية فقط.
وقال: في كل مئة عام تبتلى الأمة الإسلامية بجوائح تخلف وراءها آلاف الموتى, كثير منها وثقها المؤرخون , حتى أن ما وثق حول الأوبئة من كتب تنوء عن حمله الجمال , وهي لا تقارن بالوباء الأخير ” كورونا ” الذي ما زال محدودا بلطف الله , ثم بعزم القيادة الرشيدة – أيدها الله – في التصدي له ومكافحته وإجراء الاحترازات الاستباقية دون تراخ , مشيرا إلى أن المدينة المنورة شهدت قبل مئة عام وباء “أبو الركب” والذي أعاق سواد الناس عن الحركة أو المشي , وانتشر حولها الطاعون ولاسيما بين مكة والمدينة ولكنه لم يدخل بالتعريف المعني في الأحاديث , أما الأوبئة والأمراض والمذابح فقد مرت بها.
وأضاف : لم يجمع النبي صلى الله عليه وسلم المسلمون على صلاة التراويح بل صلاها وترك الاجتماع عليها مخافة أن تفرض , فكان يرغب فيها من غير أن يأمرهم بعزيمة , حتى أمر الفاروق رضي الله عنه بالاجتماع لأدائها , وهذا دليل أن الأمر فيه سعة , والصلاة في المنزل والفطر والسحور فيه قربة عظيمة متى ما استحضر أنه في ذلك يحافظ على أرواح الناس , كما أفتى بذلك كبار العلماء في بلادنا , داعيا للإكثار من الدعاء والتضرع والتفاؤل مهما اشتد الكرب , فالمحن لا تدوم , دروس شاقة وعابرة حينما ينسى الإنسان أو يسهى عن معرفة المعنى الحقيقي لوجوده , وسينجلي البلاء قريبا وتعود الحياة إلى طبيعتها.