عندما تنظر لكل هذه المخلوقات من حولك من الإنسان و الحيوان و تنظر إلى إختلاف لغة الاتصال و التواصل المستخدمة بينهم و منها الإشارة أو نبرة صوت معينة أو قد تكون كلمة.
الكلمة أيها القارئ الفاضل تعتبر مفتاح التفاهم بين شخص و آخر و أيضا التعبير عن ما يدور داخل الانسان و ما في المجتمعات من عادات و تقاليد مختلفة و إيصال فكرة معينة او مشاعر جياشة الي الطرف الاخر ،و عند وضع كلمة بجوار كلمة آخرى ينتج لدينا جملة و التي من خلالها تتضح لنا الفكرة المراد إيصالها من الشخص أو الكيان المقابل وترتيب الكلمة و تغيير موقعها في الجملة قد يخرج لنا بيانًا ساحرًا يجعل الشخص المقابل في ذهول و يجعل من حولك يستشعر ذوقك الانيق و المفردات الجميلة التي تملكها و يتفهم الفكرة المراد إيصالها و في الجانب الآخر ترتيب الكلمات بشكل خاطئ قد يخرج لنا المستوى الدنيئ من الذوق و البذاءة التي بداخلك،و هذا الاختلاف في الأذواق يعتمد على الشخص القائل أو الكاتب أو المتكلم (و الذي سنتطرق له في المقالات القادمة)باذن الله.
الكلمة ي عزيزي القارئ لديها قوة عجيبة و تأثير عميق و على حسب استخدامها و في مختلف أحوالها في الحب أو الكراهية في المدح أو في الذم و الكثير من الاحوال،فلوا استحضرنا قصة تميم عندما أوتي به عند المعتصم من أجل إعدامه فقال بين يديه:
أرى الموتَ بينَ السيفِ والنطعِ كامنًا
يُلاحِظني مِن حيث ما أتلفَّتُ
وأكبرُ ظنِّي أنك اليومَ قاتِلِي
وأيُّ امرئٍ مما قضى اللهُ يُفلِتُ؟!
الي نهاية القصيدة،فما كان من المعتصم الا أن تنهمر دموعه،ثم قال: إن مِن البيان لسحرًا، ثم قال: كاد والله يا تميم أن يسبقَ السيفُ العذَل،"ان من البيان لسحرا"أنظر كيف أسر تميم المعتصم بجمال أبياته و إختياره للمفردات الجميلة التي نجته من بعد الله من القتل،فالكلمة جبر لكسير و تيسير عسير و تأمين خائف،اختر كلامك الذي يخبرنا بما في داخلك كما تختار لباسك الذي يجمل ظاهرك،و انظر الي تشبيه الكلمة في كتاب الله حين قال في سورة ابراهيم{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24)}.
عندما تنظر و تتأمل الى تشبيه الكلمة بالشجرة و الترابط العجيب بينهما،تعلم أن الكلمة لها جذور تبقى في داخل كل شخص،و يكون نتاج الكلمة الطيبة ثمار حلوة و جميلة.
في المقابل يقول الله سبحانه{وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ (26)}.
وقع الكلمة الخبيثة على النفس سيء جدًا،مهما تظاهر لك المتلقي القبول و التسامح،حتى و إن قد بادرت بتقديم الاعتذار و طلب العفو الا أن هناك أثارًا تبقى و أضرار لا يمكن إصلاحها.
ختامًا،انتقوا أحسن الكلام،تنالوا رضى الرحمن،و تجنوا أطيب الثمار،فلن تبذل مالك في سبيل ذالك ولن تخسر مكانتك و لن تضعف شخصيتك أمام عائلتك،دمتم بخير.