أكد خبراء ومختصون على ضرورة إنفاذ التحول الرقمي في المنشآت لتسهيل سير الأعمال، ومواكبة المستجدات وتقليل خسائر المنشآت وتعزيز كفاءة الأداء، وذلك خلال ندوة نظمتها الغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة بعنوان “العالم تحوّل فكيف ستتحوّل لمواكبة العولمة؟”، بالتعاون مع (بصيرة) للمعارض والمؤتمرات.
وخلال الندوة “الإسفيرية” التي قدمها الإعلامي سليمان السالم، أكد أمين عام غرفة مكة المكرمة المكلف المهندس عصمت عبد الكريم معتوق خلال ترحيبه بالضيوف أن غرفة مكة المكرمة أطلقت استراتيجية متوافقة مع رؤية 2030، وتمتد فترتها حتى العام 2022، وهي تحمل 40 مبادرة طموحة، معظمها يتجه نحو دعم التحول الرقمي، متناولا أمثلة على التحول الرقمي في الغرفة بقوله: على سبيل المثال تحولت الاشتراكات والتصاديق نحو العمل الرقمي عن بعد، كما تم اعتماد حزمة كبيرة من اللقاءات والفعاليات والاجتماعات عن بعد خلال هذه الأزمة، وجميعها تصب في صالح القطاع الاقتصادي المجتمع المكي والسعودي بشكل عام.
المستشار رائد جابس الخبير الاقتصادي ومؤسس منتدى تواصل المعرفة 2030، قال: حتى يكون هناك تحولا رقميا صحيحا لابد أن تكون النظرة شمولية، لابد أن يكون هناك تحفيز وبيئة مناسبة للمبدعين والمبتكرين ليستطيعوا اعادة صياغة الإجراءات والأنظمة لتطوير المنظومة، مؤكدا أن التحول الرقمي ينبغي أن يبدأ من الداخل، مبينا أن دولة استونيا عملت تحولا رقميا بأقل من 100 مليون دولار، لكنها اعتمدت على الموارد البشرية الذاتية ونجحت في التجربة، وهناك تجارب كثيرة على مستوى الحكومات والشركات، لذا يجب أن يكون التغيير من أبناء وبنات المملكة.
وأعلن عبر الندوة عن إطلاق منصة 2030 الالكترونية، التي تستوعب الخريجين لشرح ريادة الاعمال من خلال المستشارين، والمنصة التي تتعدى المملكة لتفيد كل العالم العربي، وتتيح فتح مجموعات متخصصة في كل القطاعات، والتواصل بين الموجهين والطلبة ليتحولوا الى أصحاب مؤسسات ريادية.
وقال المستشار حابس إن المنصة توفر نحو 500 خبيرا محليا ودوليا، وفيها مكتب للدعم يقدم كافة الخدمات الاستشارية والتسويقية والتقنية، وستتاح للعالم العربي والاسلامي بالتعاون مع قناة إقرأ الإعلامية، وستكون مرتبطة مع منصة بصيرة للتعليم والتدريب عن بعد، وفيها محتوى متقدم في الإطار الصناعي يستفيد منه الجميع.
من جهته، أوضح مدير مركز المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة وديع مليباري أن المركز يهتم بدعم هذا القطاع الذي يمثل 80% من الاقتصاديات العالمية، مضيفا أن غرفة مكة المكرمة لديها خطة ستطبقها خلال فترة وجيزة لمنصة الاستشارات لتحويلها من طريقة عملها التقليدية إلى رقمية، حيث يتم تقديم كافة الخدمات من خلال البيئة التقنية، عبر تحديد المواعيد والتواصل المرئي أو بالمراسلات النصية والاستشارات، كما تم تحويل طلب المعلومات أيضا إلى عمل رقمي بحيث يستفيد أصحاب الأعمال من المعلومات التي تتوفر لدى المركز.
أما دراسات الجدوى فقد تم تحويل جزء كبير منها إلى إلكتروني ولم يتبق – بحسب مليباري – سوى القليل لتصبح إلكترونيا بالكامل، مشيرا إلى أنه تم تحويل مركز التدريب كليا إلى مركز رقمي، إضافة إلى إدارة الفعاليات التي أطلقت تجربة رائدة في شهر رمضان المبارك وهي فعالية فوانيس رقمية، التي شهدت حراكا كبيرا من تسوق ومحاضرات ودورات تدريبية مختلفة جميعا عبر الواقع الافتراضي ،كم يتم تقديم التمويل مع الشريك الاستراتيجي بنك التنمية الاجتماعية بنسبة ٧٠ % معالجة الكترونية للطلبات.
بدورها أمنت المستشارة في هيئة المنشات الصغيرة والمتوسطة الاستاذة / مرام الجشي على أن التحول الرقمي أصبح جزءً أساسياً في أداء الأعمال، وهو أمر مٌمكن لتحقيق الأهداف، وإن استخدام التقنية والاستفادة من التحول الرقمي يمكن أن يغطي 90 % من المنصرفات على قطاعات الإسكان والتعليم والتقاعد، وهناك ضرورة ملحة لاستمرار تثقيف القطاع الخاص والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، فالأمر أصبح ضرورة ملحة وليست اختيارية.
مستشار التحول الرقمي الدكتور علي الكليبي أشار إلى أن التسارع الذي حدث في التحول الرقمي وما اقتضته هذه الفترة قاد كثير من الشركات إلى إعادة الهيكلة والنظر بشكل علمي، ووضع اطر وأنظمة لإدارة أعمالها بطريقة حديثة، فالطريقة التقليدية تعني فشل الشركة في إدارة عملها والاستمرارية والنجاح، ولابد من عمل توعية للمجتمع والشباب في التعاون مع الجامعات لسد فجوة البطالة وتحسين جودة التعليم لمواكبة العالم، والاستفادة من مراكز الأبحاث في الجامعات وفتح القنوات بين القطاع الحكومي والخاص والقطاع الثالث حتى نخرج بتحول مجتمعي كامل مواكب لرؤية المملكة 2030 والرؤية العالمية فيما يتعلق بالتحول الرقمي، هو ما يتطلب عمل كل المنشآت وفق برنامج زمنى جاد للتحول الرقمي.
المستشار جون لوك وهو مستشار في الابتكار والابداع والتحول الرقمي رأى أن التحول الرقمي أصبح هاما للشركات الصغيرة كما هو للكبيرة، وقال: نحن نرى حاليا التسوق والعمليات الرقمية واستخدام التقنية لبناء المنصات القاعدية الفاعلة يجري بتسارع، وقد أصبح الأمر أكثر من كونه اقتصادا رقميا، حيث تعداه نحو العمليات في قطاعات الإنتاج والزراعة وكل الاعمال الصناعية المصاحبة لذلك.
فيما رأى البروفسور مالك يماني مستشار التحول الرقمي وريادة الاعمال والتخطيط الاستراتيجي أن التحول الرقمي أمر هام للشعوب وللقيادات، ويحتاج إلى مجموعة عناصر، فاقتصاد القرن العشرين كان يعتمد على ثلاثة عناصر، البشري، بناء الاستراتيجيات، ثم قضية الازمات. أما في القرن 21 فقد اضيف عنصران آخران لتجنب الأزمات، وهما الأنظمة، والقيادات القيمية، فكل القيادات الموجودة حاليا في كل مستوياتها هي قيادات عاطفية وبالتالي لا تصلح للمرحلة إطلاقا.
وأعتبر أن “كوفيد 19” فضح الكثير من البنى التحتية للدول، وكثير من الشركات تم تكوينها في (سيلكون فالي) خلال الأشهر الثلاث الماضي، وقال إن أكثر من 55 % من الوظائف التي نقوم بها الآن ستتغير، وستظهر قنبلة البطالة، وهناك شركات كثيرة ستخرج من السوق، فالآن إما أن تبدع أو لا تبدع، والرقمنة تساعد على المنتوج في السعودية، وهي جهة ممكنة ومسرعة للعمل.
المستشار أسامة آل هاشم مستشار في رأس المال البشري والموارد البشرية وهيكلة الشركات أكد أهمية التحول الرقمي في تسريع الأعمال، ونصح جميع المنظمات بالاهتمام بإدارات الموارد البشرية وتمكينها لكي تحقق النتائج المرجوة، وأن توفر الأنظمة المناسبة لإدارة العمل التنظيمي، والتركيز على تحليل الاحتياجات التدريبية، والبعد عن التدريب التقليدي، وقال: لا ننسى أهمية دور إدارة التغيير، والتواصل لتوضيح مسار العمل في المنشأة للعناصر البشرية، من رأس الهرم إلى الوظائف الدنيا يجب ان تعرف رحلة التغيير التي ستحدث في المنشأة وينبغي أن تكون الشفافية حاضرة تماما، معتبرا أن الاقتصاد السعودي يحتاج تحفيزا من الداخل وليس من الخارج أو انتظار الاستثمار الخارجي، مبينا أن الشباب يحتاج أن يكون جزءا في بناء منظومته.