لم تكن جمعية الثقافة والفنون بجدة بعيدة عن خدمة الحجاج والمعتمرين ، فوجودها بمحافظة جدة بوابة الحرمين الشريفين فرض عليها مضاعفة جهودها للعمل على أداء رسالتها الثقافية والفنية ، وإبراز الأدوار التي تقوم بها القطاعات الحكومية والأهلية والأفراد في خدمة الحجاج والمعتمرين ، وقبل أيام مضت كان للجمعية دورها في ايضاح الصورة الحقيقية للمرأة السعودية في خدمة الحجيج ، وعبر ندوة عقدت بمسرحها بعنوان ( دور المرأة في خدمة ضيوف الرحمن ) ، شاركت فيها كل من الدكتورة امتثال دوم الطبيبة في مستشفى النور بمكة المكرمة والمطوفة بمؤسسة مطوفي حجاج دول جنوب شرق آسيا ، والأستاذة / زين مديني المشرفة التربوية والمطوفة بمؤسسة مطوفي حجاج الدول العربية ، ورائدة اللجان النسائية بمؤسسات الطوافة وواضعت لبناتها ، وأدرت الندوة الاعلامية المميزة ميرفت طيب .
وبعيدا عن المحاور المطروحة فإن ما اتسمت به الندوة من طرح تاريخي للطوافة وأدوار المطوفين وتعريف الدكتورة امتثال بالمراحل التاريخية للطوافة ، والأدوار التي قامت بها زوجة المطوف وابنة المطوف وأخت المطوف ، والمطوفة التي ورثت المهنة عن أبيها ، أضاء للحضور مصابيح كانت حتى وقت قريب غائبة ، إذ كان الاعتقاد أن المرأة المكية عامة والقريبة من المطوف خاصة ، كانت بعيدة عن خدمات الحجاج قبل إنشاء مؤسسات الطوافة وبروز اللجان النسائية ، وما تناولته الدكتورة امتثال أوضح الكثير من الحقائق الغائبة .
اما الاستاذة زين مديني وهي المعروفة بين المطوفات ، ومن له علاقة بخدمات الحجاج أنها من أوائل من وضعن اللبنات الأولى للجان النسائية بمؤسسات الطوافة ، من خلال مؤسسة مطوفي حجاج جنوب شرق آسيا ، ومؤسسة مطوفي حجاج الدول الافريقية الغير عربية ، مثلها في ذلك مثل الدكتورة وفاء مندر ، التي وضعت أسس اللجان النسائية ، والسيدة لطفية جمل الليل التي واجهت الصعاب لتبرز اللجان النسائية بمؤسسة مطوفي حجاج جنوب آسيا .
وإن كانت الأستاذة زين تناولت بالإيجاز نشأة اللجان النسائية ، فكنت أمل أن تتطرق للصعوبات التي واجهتها ، حتى تصل الرسالة للناشئة من الفتيات ويدركن أن العمل في خدمات الحجاج عبر اللجان النسائية لم يكن بتلك السهولة التي يرونها الآن .
واستطاعت الأستاذة ميرفت طيب ادارة الندوة بشكل جيد ، وإخراجها بأسلوب نال اعجاب وتقدير الحضور ، ولم تشغلها إدارة الندوة للحديث عن دور الاعلام في الحج ، فقد تناولت كما هي عادتها الحديث مقرونا بالدلائل والبراهين ، وقدمت نماذج من بعض أعمالها الإعلامية ، كما طالبت بضرورة العمل على تفعيل دور الاعلام بشكل أكبر في الحج .
وبين ما طرح من ذكريات مضت عن المطوفين واسرهم ، وما اتضح من معاناة تأسيس اللجان النسائية بمؤسسات الطوافة ، فإن الندوة التي خرجت بتوصيات وأهداف جيدة ، أكدت أن جمعية الثقافة والفنون حملت على عاتقها مسؤوليات متعددة ، ولم يعد دورها منحصرا في مجالي الفنون والثقافة ، فتوعية المجتمع وإبراز أدوار الآخرين بشكل جيد ، بات سمة بارزة لها .
وأملنا أن نرى مؤسسات المجتمع المدني في مكة المكرمة ، ومؤسسات الطوافة تعمل على تنظيم لقاءات وندوات مماثلة تبرز من خلالها ما يقدمه الآخرون من خدمات لضيوف الرحمن ، فمعاناة الأمس لا يدركها الكثيرون .