خلق الله الإنسان في أحسن تقويم " ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم " ، وأوعى فيه منبهات في غاية الدقة والإبداع تزيد قوة حساسيتها في عملية طردية مع خط زمن العمر.
هذه المنبهات ( الحواس ) يطلق عليها المنبهات أو الحواس الخمس : السمع ، الإبصار ، التذوق ، واللمس والشم .
وهي موجودة في كل مخلوقات الله، ومنها الإنسان ، محور حديثي ، تولد معه ، وتنمو إلى أرذل العمر ، حينها تفقد تدريجيا " ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئاً"
وهذه المنبهات، المحفزات، الحواس ، سمها ماشئت ، لها علاقة وثيقة بعملية الإدراك ، فلا إدراك بدونها .
الإدراك هو تلك العملية العقلية التي نتعرف بواسطتها على العالم الخارجي عن طريق المثيرات الحسية المختلفة، يشمل إدراك المعنى والرموز التي لها دلالات تختلف في دقتها وضعفها باختلاف المرحلة العمرية ؛ لأنه كلما كان العمر متقدماً حاز الفرد على مخزون معرفي وتراثي جيد يستطيع من خلاله تفسير كل ما يصدر من تلك المحفزات بحرفية متناهية بحيث يتوافق السلوك الصادر مع مدى تحليل وفلترة مصدر الإدراك .
فسماع زئير الأسد غير سماع نباح الكلاب وصوت صافرات الإنذار غير صافرة حكم لعبة كرة قدم أو طائرة أو يد أو غيرها من الألعاب ، فهي مجرد تنبيه لخطأ وقع فيه اللاعب ، اخترق فيه قوانين هذه اللعبة أو تلك .
بينما الأولى تنبيه لوجود خطر قادم ، يجب التعامل معه بحرفية لبلوغ شاطئ النجاة بإذن الله .
كثيراً ما نسمع عن مصطلح تهور المراهقين ، تلك المرحلة العمرية التي يكون فيها الفرد غير مؤهل للتعامل مع المحفزات الخارجية الحسية والمعنوية ؛ لقلة مخزونه المعرفي ، الثقافي والتراثي ، لا يحيط بكل ما يفسر تلك المنبهات كما ينبغي ( لا يدرك عواقب الأمور ) .
فما نسمعه عن تصرفات المراهقين من تهور في قيادة : سيارة ، دراجة نارية ، أو حتى دراجة هوائية ، وفي موقف من مواقف الحياة اليومية الطارئة ، أو المخطط لها مسبقاً ؛ حيث يسجلون النسبة الأكبر في الحوادث الحياتية ، ومنها المرورية ، فأعداد الوفيات تتناسب طردياً مع حداثة السن .
كشفت منظمة الصحة العالمية أن الإصابات الناجمة عن حوادث الطرق تعد أبرز أسباب وفيات المراهقين عالمياً .
وتشير البيانات إلى أن عام 2015 شهد وفاة ما يربو على 1.2 مليون ، ماهو إلا دليل صريح على ضعف الإدراك لدى تلك الفئة العمرية ( فئة المراهقين ) .
يجب علينا نحن الأسر ، المربين ، المدارس ، الجامعات ، المعاهد ، نوادي الحي ، حتى المساجد ، أن ننمي الأدراك لدى هذه الشريحة الغالية بإعطائهم جرعات معرفية ، إثرائية مكثفة حينها تكون قوة الاستقبال للمحفزات في غاية الدقة فتنعكس إيجاباً على التفسيرات فتضحى جيدة والسلوك سوياً .