الإنسان اجتماعي بطبعه ، لايعيش وحيداً ، يَأْلَفُ ويُؤْلَفُ ، يخالط الناس ويخالطوه، ليس بمنأى عنهم ، وليسوا بمنأى منه ، تجمعهم المناسبات ، وتفرقهم مشاغل الدنيا ، هنا أو هناك .
لكن مع هذا كله ، لن يكونوا بمنزلة واحدة عنده ، عندما تحين وقت الفلترة ، وعرضهم على معيار الصداقة الحقيقية.
هذه العملية تستغرق بعض الوقت ، وتحتاج إلى اختبارات نظرية وعملية
قد تطول ، وقد تقصر
لا تحدد بزمن ، أو مكان
تؤثر فيها الأحداث والمواقف اليومية ،
فينجح بعضهم ، ويخفق آخرون ، ومع تكرار اختبارات اختيار الصديق النموذجي ؛ يتقلص العدد شيئاً فشيئاً ، فأما الزبد فيذهب جفاء ، وأما ماينفع سيبقى ؛ ليكون الصديق الأقرب إلى النفس بكل المقاييس ، فيحفر اسمه بمداد حب ووفاء ، ويسكن وسط العين ، ويحتضنه الفؤاد ، أنيس في الحل ، ومرافق في الترحال ، أمير في الظغن ، مستشار في الإقامة .
الجيب واحد ، والأفكار متقاربة ، كل منهما أب لأبناء الآخر ، يقوم مقامه في غيابه ، يراعهم ، ويقوم بشؤونهم ، وهو جذلان يرقص فرحاً ؛ أن أُتيحت له هذه الفرصة؛ ليرد الوفاء بوفاء ، ودوماً يسأل عنه وعنهم ، هي تلك الصداقة الحقة .
يقول أحد المغردين( Salah _Kaki1) :
توفي صديقي قبل سنوات ، وفي يوم من الأيام تفاجأت باتصال من رقمه، فإذا بابنه الصغير يطلبني دراجة، فقلت له: أبشر ، لكن هل تعرفني؟!
قال : لا ، لكني وجدت صورة لأبي ومعه شخص، مسجل خلفها هذا الرقم ومكتوب : إن احتجتم لشيء، وكنت غائباً فاطلبوه منه، فإنه أنا ولكن في مكان آخر.
تلك هي الصداقة الحقة التي تُشْتَرَى بماء العين !!