هربت بخفة ،لاتزال صغيرة تجيد الروغان والتحايل ،حملت في يدها غلافا لقطعةحلوى،انسحبت من يد أمها ولما يدخل أحد أكمام بدلتها في يدها ، انطلقت نحو الدكان الصغير لتشتري ،لايبتعد المكان كثيرا، عندما وصلت للمحل اتكأت بجسمها الصغير على الباب الحديدي ،انتظرت صاحب الدكان حتى يفتح ،كانت تبكي بحرقة والقرطاس في يدها ،لم تسمع صوت الباب الداخلي أو ربما لم تلتفت لصوته وهو ينفتح ،سحب ضبة الباب الخارجي كعادته ودفعه للخارج ،اصطدم بالطفلة الواقفة خلفه ،صرخت من الألم،أقبلت أمها وبيدها عودا صغيرا من قصب تنوي ضربها به ،ظلت تتمتم بعبارات فهم منها البائع أنها تريد حلوى أبو العسل ،أجلس الصغيرة إلى جواره على كرسي خشبي قديم ،أخذ منديلا من القماش وأزال من على وجهها الصغير دموع البراءة ،بينما الأم تنظر وتنتظر من بعد وهي تنادي عليها بأن تأتي أو ستنال العقاب ، فتحت يدها عن القرطاس الأصفر ،أشارت للبائع وقد توقفت عن البكاء بأنها تريد من هذه الحلوى، فتش بين الأكياس القديمة بين الرفوف فلم يجد ،أخذه منها وقال لها: اليوم سأذهب إلى السوق وسأشتري لك منها ،أمسك بيدها وقادها نحو أمها وهو يكرر الوعد وعلى وجهها ابتسامة الطفولة ،أغلق دكانه واتجه إلى محلات الحلويات ليشتري للصغيرة ،جاءت في اليوم الثاني قبل أن يحضر،وجدت كيس الحلوى معلقا ، طرقت الباب فلم يرد عليها أحد ، فتحت واحدة وأخذت تطعمها خلف الباب ، سمعت صراخا وعويلا في الداخل ،عادت إلى البيت تبكي مثلهم والحلوى تختلط بالدموع،طلبوا منها أن تكف عن البكاء ،ألقت بالحلوى على الأرض ، لم تجد منديلا يمسح لها دموعها.