بحر متلاطم الأمواج ، في يوم عاصف ، فيه الفلك مواخر كالأعلام ، عاليها سافلها ، وسافلها عاليها ، لا يُعَرفُ متى تغرق، وفي أي مكان تغرق ، الله وحده هو عالم الغيب والشهادة ، عنده العلم بوقت الغرق ومكانه ، فمن تلك الفلك يكون غرقه مبكراً ، وبعضها يكون غرقه متأخراً ، أي أن الغرق هو النهاية ،والمآل ، لا محالة، طال الزمن ، أم قصر ، سواء في هذا اليوم أو في قابل الأيام ، في يوم ممطر ، أو في يوم صحو مشمس، في ليل حالك سواده، أو في وضح النهار .
إنها الحياة الدنيا ومآلها ، دولاب دائم الحركة ، أناس بأعلاه ، وآخرون بأدناه، من كان بالأعلى اليوم، سيكون بالأسفل يوم غد ، ومن كان فوق أرضها اليوم ، سيكون في باطن أرضها في يومٍ ما .
الحياة الدنيا ، لهو ولعب ، صحة وعافية ، مرض وشفاء ، طفولة ، شباب ، فهرم ، وشيخوخة ، علم يعقبه جهل ، حياة يعقبها موت وهلاك ، كل زائل إلا الله .
" كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام "
" وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ"
"هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا ۚ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ ۖ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"
"واللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ ۚ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ ".
هذه الحياة فيها الحزن ، فيها الأفراح ، يوم لك ، ويوم عليك ،وفي خضم الفرح تقتحم الأتراح، وفي وسط عواصف الأحزان، ترى شلالات السعادة ، تجري من بين صخور الآلام والآهات .
تموت أمم ، تولد أمم ، نسمع ضحكاتٍ، ومزيجاً من بكاءاتٍ وصرخات.
نهار ، ليل ، ضياء ، وظلمات .
بيت أهله يفرحون بمولود قادم ، و آخر أصحابه يودعون أحد أقاربهم ، وعيونهم تذرف الدموع على فراقه.
بالأمس الجمعة ١٠ / ١٢ /١٤٤١ ونحن في خضم أفراح عيد الأضحى المبارك
وفي تمام الساعة الواحدة صباحاً ، طرق مسامعنا نبأ وقوع حادث مروري على طريق إحدى القرى المجاورة ، نتج عنه وفاة شابين في مقتبل العمر ، فحلت الأحزان من تلك اللحظة ، وأزيحت الأفراح قبل أن يرتد إلى أحدنا طرفه .
الله الله ما أسرع تقلباتك يادنيا ! .
نسأل الله أن يتغمد الفقيدين بواسع رحمته، ويسكنهما فسيح جناته ، ونسأل سبحانه أن يلهم ذويهما الصبر والسلوان .
إنا لله وإنا إليه راجعون.
إلى جنة الخلد يا فقيدي القنفذة .