الخوض في بعض المواضيع ومناقشتها بالتحدث فيها أو الكتابة عنها يعتبر أمرًا مرفوضًا وغير متقبل وذلك عندما يمس أطيافًا عديدة في مجتمعٍ ما وقد اعتدنا على نبذ الرأي الآخر وعدم قبوله والهيجان على صاحبه طالما كان على النقيض وعكس مانود ونريد... بالنسبة لي منذ أن دخلت عالم الصحافة ونشر كتاباتي ومقالاتي في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي ومنصاته ألفتُ الأضداد وأستمتع كثيرًا باختلاف الآراء حتى وإن وصلت للإسفاف والتطاول على شخصي ولذلك فقلمي يكتب في كل حال مادحًا أو ناقدًا وكما يرفض البعض مدحي لجهة أو شخص فالبعض الآخر يعاديني إن انتقدت الجهة التي يعمل بها أو السلوك الذي يرتكبه هو ومن على شاكلته حتى وإن لم أذكره علنًا أو بالإشارة فالمريب يكاد بأن يقول "خذوني".
المجتمع بكافة أطيافه وشرائحه في منطقة جازان يتفق على حبها والولاء لها ضد من ينتقدها أو ينتقص من أهلها ويتصدون له في كل مقامٍ ومقال حتى يتحسر ويندم إن قصد أو لم يقصد الخطأ والشريحة الأكبر هنا في هذه المنطقة الحبيبة يهُّبُ ويزبِد ويرعد ضد من يكتب عن مساوىء مادة " القات" أو ينتقد أضرارها.. والشواهد عديدة والأمثلة متعددة لمواقف سابقة في مثل هذه الحالات فقد شاهدت وقرأت وعاصرت مثلي مثل غيري كيف يُحارب منتقد القات من متعاطيه أو المدمنين عليه إن صحَّت التسمية.
عمومًا هنا لن أتناول موضوع " القات" بصفةٍ عامة ولا عواقبه وآثاره الكارثية على الأفراد والمجتمعات إنما خصصت الكتابة هنا عن الجانب الأسوء والأكثر ضراوة وقسوة على مجتمعنا المسلم المحافظ والذي فُطر أفراده على الفِطرة السليمة السوية وهو ( إدمان النساء للقات) وهي ظاهرة انتشرت وتفشت في مجتمعات مختلفة بصور وأشكال متنوعة وأعمار متفاوتة في المناسبات وغير المناسبات.. فليغضب من يغضب ويؤيد من يؤيد فقد عنونت مقالي هذا بعنوان " سرطان القات في النساء" نعم هو داء ومرض عضال تغلغل فيهن وتمكن منهن وأصبح من الصعب استئصاله أو علاجه - طبعًا المقصود من أدمنته - وللأسف فإنهن في ازدياد وتزايد مستمر لم أقم بإحصائيات أو أستند لتقارير عنهن إنما ضجت بهن مواقع التواصل وألسنة الرجال وهذه الألسن إما تفاخرًا ومجاهرة أو انتقاصًا وتهكمًا بحالهن.
الرجال أدمنوا تعاطي القات وما استطاع أغلبهم تركه وهجره ومقاطعته على الرغم أن من يستطيع التخلص منه ويبتعد عنه وعن تعاطيه تجده ينتقل لعالم آخر وحياة جديدة عندما يحكي لك تفاصيلها وكيف كان؟ وأين أصبح؟ تتمنى لو تُعمم تجربته ليستفيد منها أعداد كبيرة ويخرجوا من براثن إدمان هذا البلاء " القات" فإن كان هذا حال الرجال التائبين من استخدام هذه المادة المحظورة وتلك الأحاديث عن آثاره وسلبياته فما بال النسوة يتجهن لاستخدام هذه النبتة ويواجهن مشاكلها ويتحملن أعباءً مالية لتأمينها مهما كان ثمنها؟؟
- كيف يقبل ويتقبل رب أسرة من زوجٍ أو أخٍ أو ابن إدمان المرأة من قريباته للقات؟
- ماذا تجد المرأة المدمنة للقات من متعة في تعاطيه؟
- غلاء المعيشة وارتفاع أسعار القات وصعوبة إيجاده هي عوائق كيف تتعامل معها المرأة العاملة وغير العاملة؟
- مامدى قيام المرأة المتعاطية للقات بواجباتها الدينية والأسرية والاجتماعية؟
أسئلة كثيرة تجول في خاطري عن هذا الموضوع ولا أعتقد أن إعلاميًا أو إعلامية في جازان كلها يتجرأ أو تتجرأ على طرحها في جلسات مضغ القات النسوية... ولكن سوف أكتُب عن كل سؤال بعض مالاحظته ولامسته في مجتمعاتنا بهذا الخصوص.
أما قبول وتقبل تعاطي المرأة للقات من قبل والدها أو أخيها أو زوجها فهذا هو أساس البلاء ونقطة الضعف التي تجعل مدمنة القات تزداد ثقة بما هي فيه وتستمر في تعاطيه متلذذةٍ بالمتعة اللحظية التي حتمًا ستزول بعد حين مثلها مثل الرجل المتعاطي للقات والذي سرعان مايندم على تعاطيه ثم يعود لاستعماله ويبقى السؤال الأهم موجهًا لولي أمر المرأة المتعاطية للقات هل يعلم ويُدرك مغبَّة وفداحة تعاطي المرأة للقات؟ ومدى عواقب ومخاطر هذا الإدمان والتعاطي؟!
أحاديث الرجال عن الاستمتاع بمضغ القات والجلوس لأجله ساعاتٍ وساعات معروفة ومتداولة والكل متيقن بأنها سلبية ولا إيجابية فيها ولكنهم قد حكموا على أنفسهم بالابتلاء وسلَّموا أمرهم واستسلموا لواقعهم تاركين العديد من مسؤولياتهم خلف ظهورهم وضاربين بها عرض الحائط إنما النساء المتعاطيات للقات والمدمنات على استعماله وعبر ساعات من مضغهن له وانعكافهن عليه هل تتحقق لهن ذات الرغبات التي حازها الرجال؟
رغبات لحظية يفوت أوانها مع مرور الوقت وتبقى الحسرات والندامة فكل الملذات والأهواء تزول وتذهب مهما كانت حلاوتها ومناسبتها... ومع الغلاء المعيشي المتزايد وارتفاع الأسعار في كل شيء حتى أسعار القات زادت وارتفعت فهو محظور ومرغوب وبالغلاء والزيادة هو أحرى وأولى فهل تستطيع المرأة العاملة وغير العاملة من مدمنات القات التغلب على هذا الغلاء الفاحش في تسعيرة القات؟ أم تضطرها الحاجة والإدمان لأن تستدين مثلها مثل الرجل إن استدعى الأمر؟ وهنا يزداد الحال سوءً وقد تكون العواقب وخيمة...
وهل قامت كل واحدةٍ منهن بواجباتها الدينية ومايلزمها اتجاه مجتمعها وأسرتها قبل فوات تلك الساعات أو أثناءها؟!
بالتأكيد مستحيل وأُراهن على ذلك فالتقصير يطال المجتهدين والمثابرين فكيف حال المهملين والمهملات في جلسات القات!!!
المرأة بحاجة للرجل والرجل لا يتكامل ويتعايش مع الحياة وظروفها وتقلباتها دون المرأة فكلاهما مُكمل للآخر ومعهما تصبح منظومة الحياة في الأسرة ناجحة وينعكس ذلك على رقي المجتمعات فلابد من قيام كل طرف بأدواره وواجباته في الحياة فإن حدث تقصير أو إهمال ساءت الأحوال ولا أعتقد أن مدمنات القات يتفوقن على الرجال في الالتزام بأدوارهن وأداء واجباتهن لأن القات هو القات لا يفرق بين ذكرٍ وأنثى... فهل من عودة لجادَّة الصواب وعين الحكمة والعقل من الرجال والنساء على حدٍ سواء ومحاسبة النفس قبل الوقوف أمام بارئ السماء والأرض؟
أيتها المرأة المسلمة تعاطي القات منقصة ومفسدة ومهلكة للمال والجهد وله تأثيره ماديًا ونفسيًا وتبعاته سيئة وملحقاته لها ضررها عليك والجلوس للاستمتاع بمضغه مضيعة وضياع فاحذريه وتداركي نفسك واتركيه.
عزيزي رب الأسرة أو ولي المرأة المدمنة للقات أبًا كنتَ أو زوجًا أو أخًا أو ابنًا فلتحذر من عواقب هذا الإدمان ولك في إدمان الرجال عِبرة وعِظة إن كنت منهم أو لم تكن فكيف للمرأة أن تذهب لجلساتٍ نسائية يتعاطين فيها القات؟ وكيف لها أن تقطع مسافات بين المحافظات لأجل القات؟ من أين؟ وكيف تحصل على القات؟
إن من يبيعها القات ليس مهنيًا حتى يحفظ سر مهنته ويحافظ على أسرار زبائنه فهو إما مدمن قات أو شمَّات يستلذ بنشر الشائعات وتداول أسرار البنات فاحذرن وحاذرن وتجنبن الوقوع في براثن القات أيتها البنات والسيدات.
أخيرًا :
القات سرطان وداء عضال أنهك أجساد الرجال وأفرغ جيوبهم من المال ومحال محال أن تسلم من خطورته النساء.