يقول أحد الأصدقاء: سجلت في دورة عنوانها جذاب وأعجبني جداً وهو "قوة الشخصية" ومن شدة إعجابي بهذا الدورة ورغبتي الماسة في تقوية شخصيتي المهزوزة أخبرت زوجتي بذلك، فنظرت إلي بنظرة قوية إخترقت عقلي من الداخل وقالت: ناقصين قوة شخصية؟ .. لا تحتاج إلى هذه الدورة ... ولأول مرة أصريت على حضورها عن طريق برنامج بث مباشر ما يسمى "أون لاين" وبعد حضوري لهذه الدورة تغيرت لدي مفاهيم كثيرة عن قوة الشخصية والفهم الدارج بين الناس عن هذا المسمى وهو الصراخ ورفع الصوت والعناد والإصرار وسوء الخلق فقلت له جميع هذه الأمور تدل على ضعف الشخصية وليس قوة الشخصية فالشخص الذي يرفع صوته بداع وبدونه ليس لديه حجة ويأخذ بالمثل "خذوهم بالصوت" أو "خير وسيلة للدفاع هي الهجوم" فهو يخفي بداخله شخصية ضعيفة مغلفة بالصراخ ورفع الأصوات والبحث عن الحجج الواهية أما العناد فهو نوع من أنواع الشخصيات التي تعرضت في بداية حياتها للإضطهاد والصراخ والديكتاتورية سواءاً من الأهل أو من المدرسة أو من أحد الأقارب فأصبح لديها ردة فعل بقول: لا .. قبل أن يقول نعم وقد يفقد أموراً كثيرة جداً في حياته بسبب العناد.. لذلك إن كان هذا هو المفهوم عند زوجتك وعند الآخرين عن قوة شخصية فهو مفهوم خاطئ ،فقوة الشخصية مفهومها أرقى وأجمل وأنبل مما يفهمه البعض فهو السكوت عندما تحتاج لذلك والبعد عن ما يؤذيك وإتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وألا تكون من ضمن خطط الآخرين فشخصيتك مرنة وجميلة ورائعة بعيدة كل البعد عن الإزعاج وقريبة من الهدوء الذي يشبه الغموض وإبتسامتك الجميلة مفتاح للقلوب ، تعرف متى تتحدث ومتى تسكت ومتى ترتقي بنفسك عن سوء الآخرين وتحترم نفسك أشد الإحترام فتضعها في المكان المناسب لها وتهتم بتقييمها وتقويمها لتكون منافساً لنفسك السابقة ومنطلقاً للمعالي والنجاح ، تعرف إمكانياتك وقدراتك فتستغلها وتطورها وتستفيد مما أعطاه الله لك من نعم لا تحصى وتحسن التواصل مع الآخرين ولكن كل هذا لن يحصل مالم تكون صلتك بخالقك أقوى فمن هذه الصلة تستمد القوة والدافع للوصول إلى ما تصبوا إليه فمحبة الله لك تراها في محبة الخلق لك وهذا يساعدك على القبول في الأرض وقبول الآخرين لك وبالتالي يكون لك هيبة لا تباع ولا تجدها لدى الكثير فهي هيبة الطاعة ، عندها قلت له أخبر زوجتك وشريكة حياتك بذلك وغير لديها مفهوم قوة الشخصية فهي مثل الكثير الذين يفهمون قوة الشخصية مفهوماً خاطئاً قد يكون بسبب موروثات إجتماعية أو تأثرت بالمسلسلات أو قنوات التواصل الإجتماعي وأخبرها عن أن الإسلام دين اليسر والمبادىء وحسن الخلق ويكافئ من حسن خلقه بالجنة ومن ترك الجدال ولو كان محقاً بمنزلة أعلى في الجنة وأخبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن أكثر أهل الجنة أحاسنكم أخلاقاً ،وكل شيء في هذا الدين يحث على حسن الخلق ومن ذلك التعامل مع الغضب والجدال والمزاح وجميع السلوكيات التي قد يمر بها الناس.
ولا ننسى أن هذا المفهوم الخاطئ منتشر بشكل كبير عند بعض الرجال أيضاً فيعتبرون القوامة والرجولة وقوة الشخصية أنها سلاح للتعامل مع الآخرين تعاملاً خاطئاً ،وأنها صلاحية للإضطهاد والأذى وغير ذلك .. ولذا أنصح الجميع بالقراءة وحضور الدورات التدريبية والمحاضرات الدينية التي توضح لنا بعض المفاهيم وترشدنا للطريق الصحيح وتضيف لنا الكثير من العلم والمعلومات التي تساعدنا على الرقي بأنفسنا والآخرين وبالتالي نجاح في الدنيا والآخرة.