بعض الناس محب لنفسه، يرتقي على أكتاف أناسٍ مهرة في الخداع والتغرير بالآخرين ، يمجدون من ليس للمجد أهلاً ، ويطلقون ألقاباً براقة على كل من يجالسهم، ويأنس برأيهم، ويسعد بمشورتهم
يبنون لمن طلب المشورة قصوراً فخمة في الهواء، أو على صفيح بارود ، ويعبرون به المحيطات والبحار على ذات ألواحٍ ودسر، ثم يتعمدون خرقها على غرة وبحرفية متناهية ؛ ليهلك كل من عليها ؛ حينها يرقصون فوق الجماجم فارهين ، كيف لا وقد نجحت مخططاتهم بأقل جهد ودون أدنى تعب أو مشقة .
إنهم المطبلون أولئك الذين
يقزمون العظيم ، ويعظمون الأقزام ، ذوو وجوه متعددة الألوان ، تتلون حسب الموقف وطبيعة الحدث ، هم معاول هدم لكل الأحلام ، وقبور التفاؤل، أعداء نجاح ذوي الفكر المتقد ، والمخلصين أرباب الأقلام .
إنهم في كل وادٍ يتيهون ويقولون مالايفعلون ، ليس لهم كلمة يعتد بها ، ولابالمواعيد يلتزمون ، توجههم أهواؤهم، لايحكمون العقول ، ولا يحترمون المشاعر ، قلوب قاسية هي كالحجارة بل أشد قسوة .
بهم يبقى الجاهل على جهله ، ويبقى المغرور المتغطرس المصعر خده للناس على حاله ، والظالم يبقى قابعاً على ظلمه ، متخبطاً في ظلماته كالذي يتخبطه الشيطان من المس ، ولايزال المغتاب يأكل لحوم الناس موتى في حضرتهم ، والحاسد يأكل بعضه بعضا على مرأى ومسمع منهم ، والماشي بين الناس بالنميمة مدفوع منهم بريموت التطبيل الموجه المظلل على غير بصيرة .
هذه أفعال المطبلين ... وما أكثرهم في زماننا ! .
على أرض واحدة نعيش ويعيشون ، من جنسنا ومن أبناء جلدتنا، بيد أنهم مختلفون عنا ، ومخالفون في هيئتهم ، ومن حيث أشكال وألوان وجوههم ذوات الأقنعة البرّاقة الخادعة .
فلنحذرهم أشد الحذر، ونهرب منهم كهروب الصحيح من المجذوم.
قاتلهم الله أنى يؤفكون.