في ليلٍ سَمَق دامس، بين هجنٍ وخيل وفرسان أشاوس مع تغاريد الأمل المزركشة وشعاع العزم الصداح، سرى عبدالعزيز حتى وصل للمنطقة الغناء " الرياض "، فلم تشرق شمس العريق ذلك اليوم إلا نخ الرجال للمؤسس العظيم وجاؤوا إليه طائعين مبايعين، ثم دانت له القرى الزاهية والمدن الساحرة، فأرسى جميع الركائز لكي تبدأ صفحة بديباجة مشرقة من صفحات التاريخ السعودي السامق، ليبتسم ورد ربيع الحضارة في يوم مولدها المجيد .
فأصدر طيّب الله ثراه مرسوماً ملكياً والذي يقضي بتحويل اسم مملكة الحجاز إلى المملكة العربية السعودية المجد التليد، ثم أقام دولة التوحيد والشريعة الإسلامية، فنثر دعائم الأمن والأمان والاستقرار، وأزال التناحر البغيض والعصبية النتنة، وما هذا الحدث التاريخي إلا نقطة تحول كبيرة في حضن نميرها الشامخ .
في يوم المولد الجديد 23 سبتمبر 1351 هـ ، تلألأت السماء طرباً، وتراقصت الأرض مرحاً، ضحك شمالها على صدر الثرى يحكي سنيناً من الدهر عن قلائد الكرم والجود، يداعب جنوبها عروس الضباب، يعانق ديمة العطاء ومن الشوق أمطرت وأزهرت، متزين شرقها بخمائل نسيم البحر مع أهداب التمر والنخيل، أما غربها غرد بعشق نسائم الرحمة تفوح عبقاً بالدعوات، وعلى ثغرها نمير يسحر القلوب، ووسطها تمايل غنجاً ودلالاً، فلاح منها شمس سناها في كل الديار .
ذكرى الوطن يعيدنا إلى ناقوس يجلجل في ذكرياتنا الرحيبة، فتشتعل القناديل لتحكي عن تلك البطولات الخالدة عن أبناء الوطن المخلصين، الذين ضربوا أروع صور التعاضد المهيب، التلاحم الوضاح، والفداء بأجمل الفنون، ملتفين حول مؤسس هذا الكيان الشامخ ..
بلادي بلاد العز والفخر حققت إنجازات وطنية مشرقة، تحلق في فضاءات الروعة في شتى المجالات، وعلى جميع الأصعدة العالمية، وأكمل من بعد الملك عبدالعزيز مسيرة الخير والعطاء والمجد والنماء أبناءه الكرام البررة، حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز رعاه الله، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، الذي تحققت في عهدهما كثير من الأمال المبهرة فيا لها من قيادة حكيمة، ريادة رشيدة، وسيادة عظيمة، حقاً إنها همة حتى القمة .
حفظ الله السعودية القلب والروح والنبض .. وحفظ ولاة أمرها الكرام وشعبها الأصيل وصدر سمائها وحضن الأرض ..