حين يغفو الضمـير وتتبلد المشاعر وتتجمد الإنسانية بجليد القسوة وتعمى الأبصار فلا يكاد يرُى من الخير ذرّة .. ويسود الشر بعض
القلوب الغارقـة في متاهات الحياة اللامبالية
بمسار البشرية.. لينحني مسـارها لآخر لم أجد له مسمى ، فمسار الحـيوانات مجبول على فطرتها التي فطرها الله عليه لم يتغير فجُبـلت قلوبها على الرحمة والشفقة على صغارها ..
والحفاظ عليها وإبقائها في أمان من الأعداء...
لكن أفئدة بعض البشر كساها الران وغطى ما أسدله الله من رحمه وشفقه فتجبرت
وقست في الأرض وعثت الفساد والدمار ..
فما كنا بالماضي نسمعه ونراه من تسلط الخادمات وإيذائهن للأطفال كان يؤذي مسامعنا ويجرح أفئدتنا .. لكن الإيذاء حـين
يكون من الأب أو الأم لهو أمر مخالف للفطرة
فحين يؤذي الأب أطفاله ويوثق مشاهد التعذيب بالصوت والصورة إنتقاماً
من زوجته التي كان بينهما عهد وميثاق أو الأم
حين تلقي بفلذة كبدها وكيان أُشتق من جسدها في نهر إنتقاماً من زوجها ماذا غيّب أمومتها وعاطفتـها في تلك اللحظة ..؟
شتّـان بينها وبين مافعلتـه أم سيدنا موسى عليه السلام ..! حين اهتدت من الخوف إلى أن تُلقي رضيعَها في اليمّ حـماية له من تلسط وجبروت فرعون ... كانت تضعه بحنان في تابوت مع فيض من عاطفة لتجعله في أمان الله ...!
قال تعالى: ( كلا بل ران على قلوبهم ماكانوا يكسبون) حقائق علمية ومشاعر نفسية عميقة في الآية تبين حال القلوب حين تقترف الذنب تنكت عليها نكتة سوداء ومع كل ذنب تنكت عليه نكتة أخرى حتى تسود وتصبح قلوباً صدئة مغلقة محصورة فيما اقترفته من مآثم وذنوب وخطايا في حياتها الطويلة..