نحن قوم جبلنا على العاطفة والرحمة والوقوف مع من يلجأ إلينا بشكوى أو تعبير عن مشاعر وقد نضر هذا الشخص ونضر أنفسنا ونضر آخرين اشتركوا في الأمر بدون أن نعلم فمن يأتي إلينا شاكياً باكياً لايحتاج إلى التأييد بقدر السماع منه وتهدئته ولا يحتاج إلى أن نضره هو وغيره رغم طلبه لذلك بدون أن يقول فقد إختار الشخص المناسب المؤيد له ولو عرف أنك ستكون ضده فلن يتكلم معك نهائياً وهكذا تتزايد الأمور ونظلم هذا الشخص ونظلم غيره بسبب العاطفة والرحمة التي تؤيد المخطئ وتجعله يستمر في ذلك.
قد تأتي الإبنة إلى منزل والديها شاكية زوجها من أمور أخطأت في قياسها أو تغلبت عليها مشاعرها ورفضت منه أموراً عادية أو واجبة ومع دمعة مرافقة أو بكاء ليتفاعل معها أحد الوالدين أو كلاهما إن لم يكن الأهل جميعاً ويؤكدون أنها على حق وهو ماتنتظره لتتواصل مع الزوج في العناد والتمرد وقد تجعل هذا التأييد سنداً لها في التدرج للوصول إلى الفشل مع الزوج مع موافقة تامه وتأييداً لكل خطوة جديدة من قبل الأهل مما يؤدي إلى الطلاق وعندها يلام الزوج على مافعله مع الزوجة وهو شيء لم يحصل نهائياً لكن الزوجة جعلت من أهلها وصديقاتها السند والتأييد لكل أخطائها وبالطبيعة العاطفية نساعد على الفشل وبالمقابل قد يكون الزوج مرتكباُ لنفس الخطأ وتصبح الزوجة هي الضحية.
وقد تعودنا على مجاملة المخطئ في حق نفسه وأسرته ومجتمعه لكي لا يأخذ منا موقفاً ونخسره فنوافقه على أخطائه التي يسردها في المجالس عن بطولاته الخاطئة وقصصه الوهمية أو الحقيقية وعندما يخرج من المجلس يتلقى من الموجودين السب والغيبة والنميمة وهو يتوقع أنه في الطريق الصحيح لأن أحداً لم يقل له أنت أخطأت ولم ينبهوه على ذلك لو سراً ونجد أن هذا يتكرر في عدة سيناريوهات منها ردود بعض الأبناء على والديهم أو على أحد إخوتهم أو أخواتهم ولايجد من يقول له أنت أخطأت فيتكرر الخطأ منه ومن غيره لأنه لايوجد ولي مصلح في الأسرة فتصبح الأسرة مفككة بسبب عدم وجود إصلاح فبسبب العاطفة والرحمة أحياناً يترك المخطئ ليمارس أخطاءه بكل أريحية .
وفي المجتمع الوظيفي يتكرر نفس الخطأ عاطفياً مع أحد الزملاء أو الأصدقاء المقربين الذين يفعلون في أعمالهم الأخطاء بالجملة ويجد مجاملة من رئيسه أو من صديقه أو من زملاه خشية غضبه أو خسارته فيستمر في إرتكاب الأخطاء حتى يكتشف أمره من قبل الإدارات العليا ويفصل من العمل ,وقد يتضرر مديره أو غيره بسبب العاطفة التي جعلت من حوله يسكتون ويباركون له أفعاله ليستمر حتى يسقط السقطة الكبرى، وينتهي مستقبله الوظيفي .
وهنا تتكرر العاطفة والرحمة مع الزوجة والأبناء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الناحية الدينية فقط فنجد أن بعض الوالدين يرحمون أبناءهم من الذهاب للمسجد خوفاً عليهم من الطريق أو من البرد أو بسبب نومهم المتأخر فيتركونهم في سباتهم العميق حتى يستيقظون وبالمقابل يتم إيقاظهم لأمورهم الدنيوية من دراسة وأعمال وإجتماعات أسرية وعدم رحمتهم من هذه الناحية وهم يعلمون أنهم سيسألون يوم القيامة عن مسؤوليتهم اتجاه أبنائهم وأهلهم والله سبحانه وتعالى يقول: "وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها " ليس فقط صبراً عادياً ولكن كل أنواع الصبر لأن الحياة الصحيحة والنجاح والتفوق الدراسي أساسه احترام الصلاة في وقتها ومن بعدها نتعلم إدارة الوقت واحترام المواعيد الربانية ولكن عندما تغلب العاطفة على أوامر الله سبحانه وتعالى تنعكس الحياة للأسوأ وتنقلب الموازين فتصبح الدنيا هي الأهم وهكذا يستمر ماتربى عليه الأبناء من خير أو شر وتصبح المسؤولية أعظم عندما يتزوجون أو يذهبون إلى أعمالهم وهم قد تربوا على أن الصلاة هي آخر الأعمال ويتعلم الأبناء أن العاطفة هي السبب الذي جعل حياتهم عكسية ولو وزنا العاطفة بالشكل الصحيح لوجدنا أن الرحمة والعاطفة من عذاب الله وما توعد به من أخر الصلاة عن وقتها أو جمعها بدون عذر بواد في جهنم فمابالك بمن تركها أو تساهل بأداءها؟ العاطفة قد تكون في مسارها الخاطئ.
تذكرت أحد الأحباب يسألني عن عدم إستطاعته عمل أي شيء مفيد بعد ذهابه للمنزل فقلت له البداية الصحيحة تبدأ من الصلاة في المسجد جماعة ومن تجارب المصلين تنظمت حياتهم وأوقاتهم وزاد إنجازهم فبمجرد الخروج من المنزل للصلاة تزداد الطاقة الإيجابية والنشاط وتكون مستعداً لأمور كثيرة كانت في الماضي صعبة عليك ..