قلة الوعي وتضارب الأفكار وعدم الفهم الجيد للذات والجهل أحياناً جعل الكثير منا لا يعلم أين تكون قيمته ، ومتى يتحدث و متى يصمت ،
ومتى يُقدِم ومتى يتراجع ،
ومتى يتصدر المجالس ومتى يغيب،
ومتى يتدخل بالأمور ومتى يتركها ،
ظناً منه أن التطفل و التدخل بالمواقف و الأراء حتى التي لايفهمها تثبت وجوده و قيمته لكن الرأي الصحيح خلاف ذلك تماماً .
بعض الآراء التي لاتفقه فيها تقلل من قدرك عند الآخرين ،
بعض الكلمات التي تأتي فيما لا خبرة لك فيه تنبع من جهل ،
بعض الاقتراحات التي تأتي فيما
لا تعرف تزيدك خطوات للوراء ،
و الصمت و الترك يكون أجمل في بعض الأمور ، شريطة أن تكون على استعداد للإنصات و تعلم مالا تعرفه .
وأغلب البشر يعانون من اعتقادهم أنه لابد أن يكون لهم
رأي في كل حادثة ،
و أهمية في كل خلاف،
وتفاعل في كل حدث،
ومكانة في كل مشكلة،
وخطوة في كل طريق،
و سهماً في كل معركة ،
وغنيمة بعد كل حرب ،
لكن الحقيقة التي نجهلها أنه في مواضع معينة تكون قيمة الإنسان فيما يترك لا فيما يأخذ،
وفيما لا يقول لا فيما يقول ،
وفي التخلي لا في التجلي .
حينما نترك السؤال فيما لا يعنينا ،
حينما نترك الآخرين دون مراقبة حياتهم،
حينما نترك من نعلق أنفسنا و سعادتنا بوجودهم ،
حينما نترك الصداقات الهشه التي لا تعود لنا بأي ثمرة ،
حينما نترك الكلمات الركيكة التي لاتضيف معنى للآخرين ،
حينما نترك من حولنا بدون التدخل في قراراتهم ،
حينما نترك العبث في قلوب
الآخرين بكلماتنا ،
حينما نترك القسوة على الآخرين بغرض مصلحتهم ،
حينما نترك الكبرياء المؤذي الذي يحرمنا أجمل اللحظات ،
حينما نترك الخوض فيما لا فائدة
منه ،
حينما نترك الأسئلة التي لا تضيف
للبشرية أي فائدة ،
حينما نترك الغيبة والنميمة والحديث عن الآخرين ،
حينما نترك كل أغنية حزينة
جددت جروح الماضي ،
حينما نترك أماكن تحمل بين أبوابها
فقد و ذكريات مؤلمة ،
حينما نترك رؤية بيوت و ممتلكات
لأفراد فارقوا الحياة ،
حينما نترك البكاء على كل روح
طاهرة اختارها الله ،
حينما نترك شعور الحنين بعد الواحدة ليلاً ،
حينما نترك شعور اليأس بعد
كل خيبة أمل حلت بنا ،
حينما نترك الندم على الفرص
التي لم تكن من نصيبنا ،
حينما نترك العشم في أشخاص
لن نجني منهم سوى الألم ،
حينما نترك انتظار اللحظات
التي لن تأتي ،
حينما نترك محطات الانتظار
ونستوعب الواقع .
لذلك لا تبالغوا في السعي للتملك وامتلاك الأشياء والسيطرة على المواقف و الآراء و الأشخاص لأن قيمتنا أحيانًا تكون في ترك الأشياء
لا الحصول عليها .
.