علمتُ بنبأ وفاة الأستاذ علي عكور شقيق أخي الغالي وصديقي الوفي عبدالله عكور ، الذي سخر اللُه تعالى له خاتمةً طيبةً في يومِ الْجُمُعَةِ ٩ ذوالقعدة ١٤٤٠ هذا اليومِ المبارك والعظيم ، لقد اكرمه اللهُ بحسن الخاتمة ، فوافته المنيَّةُ وهو في بيت الله تعالى مصغياً لخطبةِ الْجُمُعَةِ ليؤدي بعدها صلاةالْجُمُعَةِ ، وكان الفقيد قد أخبر أهله بتوجهه هو وزوجته لمكة المكرمة يوم السبت ١٠ ذوالقعدة لأداء العمرة ، ولكن داهمتهُ المنيَّةُ وهو في أطهرِ مكان وفي أحسنِ حال وفي أفضلِ يوم ، فمن علاماتِ حُسنِ الخاتمةِ الموت على عملٍ صالح ، وهذا ماتحققَ للفقيد ، والكلُ يتمنى هذه الخاتمة ،وندعو الله تعالى أن يُحسن خاتِمَتنا.
كان الفقيدُ يتعهدُ أبن اختهِ علي وسميه البالغِ من العمر ٥ سنوات بالإهتمامِ والرعايةِ والدعمِ المالي ليسعدَ بتربيتهُ و يهنأ بطفلٍ يلهو ويلعب أمامهُ بعد أن فقدَ لذة تربية الأبناء لكونه لم يُرزق بمولودٍ على مدى ١٢ عاماً هي فترة حياته الزوجية.
وأثناء توجه الفقيد للمسجد قدم له أخوه عادل مسواك فتقبل الهديه قائلاً ( هذه الهدايا التي لا ترد لما للسواك من فضل كبير وأجر عظيم ).
وقاد سيارته متوجهاً للمسجد وكأنهُ يودِعُ الطرقات المؤديه إلى المسجد الوداع الأخير ، وكأنه يقولُ لها لن أعودُ إليك مرة أخرى.
وبعد علمي بهذا النبأ أجريتُ إتصالاً هاتفياً بأخي وزميل العملين التعليمي والإعلامي الأستاذ عبدالله ، مقدماً له التعازي والمواساة ومتسائلاً عن موعد الصلاة على الفقيد ، فكان حديثه معي ممزوجاً بالأسى والحسرة و مطوقاً بأنين الألم الذي أخترق جهاز هاتفي المحمول ليصل إلى قلبي ، فلم يتمالك نفسه فأنفجر بالبكاء ، فلم اتمكن من سماع كلماته بعد أن سيطرت نبراتُ الحزنِ على حديثهِ معي ، وانغمسَ في بكاءِ الفَقد ، إنه ألمُ الفراقِ الذي لم يستطع أخي عبدالله عكور أن يسيطر عليه ، ففاضَت مَدامِعُهُ ، ولامست آلامهُ وجداني ، تمنيتُ أن يهدأ أو يتوقف سيلُ حزنه ، لكن كان مستمراً في بث حزنهِ ومشاعر ألمه الصادقة النابعة من قلبٍ ينزف لفَقدِ أخيه ، وبعد أن أوجع بكاؤه قلبي فما كان مني إلا تهدأته ، فالفراق هو الجراح النازف في القلب وهو الغصة والألم ، وفراق الأخ من أقسى الفراق في الحياةِ الدنيا لأنه القريب منه يبوح له بهمه ويسنده وقت الشدائد ، وكأنه يقول لأخيه الفقيد ستتركني وحيداً اخي علي ، إن هذا الفراق لوعَ كَبد صديقي عبدالله ، اللهم صبر قلب أخي عبدالله وجميع أهله وأقاربه على فراق الفقيد علي عكور ، وأجرهم في مصيبتهم ، أن ألم فراق الأخ مرير حيث لم يخلو الشعرُ العربي من رثاء الأخ.
فقد قال الشاعر لطفي منصور عند وفاة أخيه :
أخي فقدتك في أمواج تحناني
والصدعُ أوهى من الآلام بُنياني
أخي ذكرتك في نبضٍ يُحركني
حين الفراقِ فمالت كل أركانِ