مضيتَ إلى رّبِ العباد شهيدا
فكنتَ على كل القلوب فقيدا
كتبت بِحبر المجد ذِكراك رافعاً
شعارًا من النور المهيب مجيدا
دماؤك عطرُ العزّ يعشقهُ الثّرى
فيرسم فى ثغر المسرّة عِيدا
وروحك مصباح الوفاء تناثرت ْ
ضياءً تسامى فى السماء فريدا
حَرَست حدودَ النور والطّهر صامدا
فنلتَ خلودًا فى القلوب أكيدا
وقفنا على أطراف نَعشِكَ دمعُنا
يزِفُّك فى عرس الجلال ولِيدا
وقُمنا على أركان قبرِك زهوُنا
بِنيلكَ تاج الفخر كان شديدا
وعُدنا نُعزي زوجةً وصِغارَها
فقام فتىً أشجَى الوجود نشِيدا
وقال لنا والدمع يغمرُ خدّهُ
ويُسقي قلوب الخائنين وعيدا
أبي لم يمت .. بل مات من خان أرضنا
وإن عاش فى وَهم الضلال سعيدا
أبى لم يمت والخلدُ تفتح بابها
وتهدى له مِمّا يُريد مزيدا
أبى لم يمت زفّوا التّعازي تهانيا
وبثّوا على قبر الحبيب ورودا
وإنى سأحمي الدّار من بعد والدي
وأرسم دربًا لِلكفاح جديدا
وأقبلَ شيخٌ يعصر الدّمعُ قلبَهُ
وأبدى صمودًا مُذهلا وأكيدا
وقال : لقد قدّمتُ لِله مْهجتى
وبِتّ على دربِ النّحيب وحيدا
ولو أن عندى ألف روحٍ بذلتُها
فكونوا على عهد الصمود شهودا
هنيئا لِهذي الأرض إخلاص أهلها
فقد ارهقوا حلم الغزاة صعودا
وساقوا إلى كل الحدود قلوبهم
وقد أصبحت بين الجنود جنودا
وما زادهم غدر الأعادي وكيدهم
سوى أنهم زادوا الصمود صمودا