بدأ يسير في عالمٍ مظلم مليء بالعوائق نحو المجهول بعد أن هدم منزله وقتل أهله ولا يعلم أين إخوته وسار وحيداً وكاد أن يسقط بين تلك العوائق يحاول جاهداً إكمال مسيرته في تلك الليالي لكن لم يستطع فعل ذلك، ولكن وصل لإحدى الأشجار الكبيرة وارتاح قليلاً تحت ظلها وإذا بشاب في مقتبل العمر يمر من جانبه وقال له : من أنت يافلان؟
ورد عليه أنا ابن فلان من الدولة المجاورة والخوف واللعثمة فيه، ولا يستطيع إخراج بعض الحروف من شدة الخوف.
يحاول الشاب تهدئته وإزالة رعبه وقال له لا عليك أنت معي لا تخف سأكون صديقك إلى أن أوصلك إلى بر الأمان.
بينما يسيران وصلا لذلك النهر الذي في تلك الدولة، ورأى الكثير من النساء والرجال يصارعون الموت من أجل البقاء والهروب إلى الدولة المجاورة، استغرب الشاب من المنظر المخيف المثير للدهشة والرهبة لماذا هؤلاء يفعلون ذلك؟
قال له اصبر قليلاً علينا عبور النهر وبعد ذلك أخبرك وما زال الشاب يلح عليه لكي يجيب على سؤاله.
وصل هو ومعه جماعة من الناس إلى الدولة المجاورة،
و قال للشاب اتعرف لماذا هؤلاء هربوا من ديارهم!؟
يريدون حفظ عقيدتهم ودينهم الصحيح الدين الإسلامي، قال الشاب :كيف؟! اليس هناك رب في تلك الدولة.
رد عليه قائلاً : نعم ربنا الله عز وجل موجود في كل مكان يرى كل شيء ويسمع كل شيء، هؤلاء هربوا من الظلم اللعين والحرق والقتل والتعذيب والتنكيل، يريدون الهجرة من تلك الدولة الظالمة التي تظلم من يدين بديانة أخرى غير الديانة البوذية،وهؤلاء اعتنقوا الإسلام عن طريق تجار العرب.
كانت مملكة إسلامية بعيدة عن الديانات الأخرى، وظل الحكم الإسلامي قرابة أربعة قرون، وحكم ما يقارب ثمانين حاكماً مسلما وانتشر الإسلام من تلك المنطقة للولايات القريبة وخافت حكومة الولايات من الانتشار الإسلامي في ولاياتها وتصبح الولايات جمعيها مسلمة وتختفي الديانة البوذية.
وفي عام ١٨٧٠م أمر قائد الجيش حاكم البلاد بقتل وترهيب المسلمين وفعلاً قتلوا الأطفال واغتصبوا النساء، ولكن هؤلاء لايريدون إلا بلدة واحدة وهي بلدة الحرمين.
وهو كذلك يسير نحو تلك البلدة التي فيها الكعبة المشرفة وقبلة المسلمين وهؤلاء متجهين إلى تلك المنطقة سيراً على الأقدام.
وبينما بدأ يسير على أقدامه ومعه الكثير من النساء والأطفال والرجال في طريقه يفقد البعض من شدة الجوع، كانوا يرتاحون قليلا في تلك الرحلة، ثم يكمل المسير ويأكل ما يحصل عليه في طريقه.
وبعد شهور بقي من بقي ورحل من رحل وصل لتلك البقعة استقبلهم حاكم البلاد المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه أحسن استقبال وقال لهم أنتم ضيوف الرحمن وقالوا له نريد مجاورة البيت العتيق هربنا من ديارنا لأجل المحافظة على الدين.
عاشوا هناك وتعلموا القرآن والعلوم الشرعية وتزوجوا وأنجبوا هناك وكبر أبناؤنهم وحفظوا القرآن الكريم، وتعلم أبناؤنهم في مدارسها ومساجدها.
وهم اليوم يقولون لأهل المملكة العربية السعودية شكراً، ولكن الشكر قليل في حق هذا الشعب العظيم وحكومتها الرشيدة التي تخدم المسلمين في جميع قضاياها.
هنا " النهاية ".
" ومضة " انا أحدأبناء أولئك الذين هاجروا، أنا اليوم أقف فخراً واعتزازاً بأني أحد الأبناء الذين ولدوا على ثرى هذا البلد العظيم، وسأظل في خدمة هذا البلد، ودمي وروحي فداء لهذا الشعب الأصيل الكريم.
كيف لا أفتخر بهذا!
أفتخر فوق أي أرض وتحت أي سماء أني مولود ببلاد الحرمين وتعلمت وحفظت القرآن من مشايخها وتعلمت العربية من مدارسها، ولازالت المملكة رائدة في خدمة قضايا المسلمين.