نتحدث كثيراً عن تعزيز الأمن الفكري وتأسيسه وتثبيته في الأفكار والأذهان والعقول، لِم كل هذا الاهتمام الكبير بهذا الموضوع ؟!
لأنه يعني أن يعيش الأفراد في مجتمعاتهم آمنين مطمئنين على مكونات شخصياتهم وتميز ثقافاتهم ومنظوماتهم الفكرية ؛ لذا كان أهم ماينبغي أن تقوم به كافة المؤسسات أن تتضمن في برامجها تعزيز الأمن الفكري… يقول الدكتور عبدالرحمن السديس حفظه الله : ( ومع أن الأمن بمفهومه الشامل مطلب رئيس لكل أمة إذ هو ركيزة استقرارها إلا أن هناك نوعاً يعد أهم أنواعه وأخطرها فهو مثابة الرأس من الجسد لما له من الصلة الوثيقة بهوية الأمة وشخصيتها الحضارية حيث لاغنى لها عنه : الأمن الفكري )
وحين نقلب صفحات الكتاب الكريم الحكيم الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيمٍ حميد نجد أن الله امتن على قريش بنعمة الأمن في قوله عز من قائل : “ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)”
فامتن الله بأعظم النعم وهي نعمة الأمن فقال سبحانه:”أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ۚ”
لأن الأمن بمفهومه العام يورث الأمن الروحي والفكري والبدني يستطيع الإنسان التحليق إلى عالم الإبداع والابتكار وإلى آفاق العلم المتزن والفكر المعتدل والرأي القويم إذ أن هذا الأمان الفكري له تبعات ونواتج أهمها الاستقرار بكل ماتحمله الكلمة من معان في كل النواحي والجوانب العلمية والفكرية والثقافية والنفسية والاجتماعية والأسرية.. الخ ، تتخرج الأجيال من مدرسة الأمن الفكري المتزن يدينون لخالقهم وأمتهم وأوطانهم بالوفاء لكل ما قُدم لهم مخلصين يتشرفون وينتمون بحب وولاء، وعند مقارنة وطننا بغيره فلن نرى له مثيل في الحياة في تعزيز هذا المبدأ العظيم .
أدام الله علينا وعلى بلادنا وبلاد المسلمين أجمعين الأمن والأمان دوما وأبدا.