قد يبدو مشهد البلاغات عن العُنف نمطياً وعلى صورة واحدة ومألوفة لأغلبية الناس ويتمحور حول الضرب ، ولكن هل فكرت ولو بلحظة لعنف آخر يُصيب الضحية تطالهُ ألْسُن ونوايا الغير بدون ضربة موجعة !
أتحدث اليوم عن ضحايا لا تسمع أنين أوجاعهم المكبوتة في دواخلهم إلاّ أنها استطاعت أن تُخلّف في أرواحهم غصة مؤذية شعورياً قد تصيبهم بالإحباط لوهلة والتردد لعشرات المرات , هل جربت بشاعة شعور أن يُحرجك أحدهم عمداً , أو أن يُصادر رأيك تعصباً , أو أن تُلقى عليك دائرة اللوم مراراً لا ذنبَ لك فيها سِوَا أنّك خالفة وجهة نظر ..! هل جربتَ بشاعة شعور أن ينتهك خصوصيتك أحدهم ؟, أو تُسلّط عدسة رقابية مكبرة على تحركات آخر بحثاً لزلة قد يقعُ فيها ! هل جربتَ بشاعة التهديد والوعيد , أو أن يُشَوِّهَ أحدهم سُمعتك عمداً ..!
هذا النوع من العُنف والمندرج تحت مسمى " العُنف النفسي " والمنتشر بشكل كبير في البيئات المحيطة من حولنا , حينها أنت البالغ والراشد في أمور حياته قد يكون باستطاعتك مواجهة هذه التصرفات المؤذية والمسمومة إلّا أن هُناك أطفال حتماً سيكونوا ضحايا هذا العُنف العابث الذي بلا شك سيُكبح مسير خُطاهم ويبقيهم في دائرة الخوف .
تتردد في مجتمعنا جملة " أبَكِّيِه ولا أضحك الناس عليه " حتى لو آمنا بِحُسنِ مقاصدها , هل فكرتَ أيها الجلّاد بالأضرار النفسية التي قد يُصابُ بِها الضحية جرّاء هذا التصرُّف المتعدد بأضراره ..؟
أخيراً ؛ ماذا لو كانت هناك بيئات آمنة لإمكانية العودة والتصحيح بحيثُ أنّ الأخطاء تُلام لا الضحية ..! ولعلّي أوجه خاتمتي هذه للأباء والأمهات احرصوا على توفير الاحتواء العاطفي والمرحّب لجميع فضول واستفسارات الأبناء , وإياكم بتعنيفهم نفسياً فهذا الشعور السيء سيصيبهم مدى الحياة , اتركوا لهم الملجأ الآمن بحيثُ إن تعرضوا لِعُنفٍ ما أنتم مرجعهم واحتواؤهم الأول .