وصف الله عقد النكاح بالميثاق الغليظ لقوته وعظمته، ومدى أهميته في بناء الأسرة،
( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، إن الأساس في العلاقات الزوجية المودة والرحمة فإذا توقفت أو تلاشت لجأ الزوجان إلى المجاملات ومن ثم الصمت الذي يؤدي إلى الطلاق الروحي أو مايسمى الطلاق العاطفي، حالة يعيش فيها الأزواج غرباء عن بعضهم برغم أنهم يعيشون تحت سقف واحد انعزال عاطفي شديد وحالة من الفتور واللآمبالاه برود وعدم الرضا و فقد التفاهم بينهم في الأمور الحياتية المشتركة ومن ثم الانفصال حتى يصبحا غريبين متزوجين يجمعهما البيت ولا تجمعهما المحبة و المودة والرحمة برغم قيام الزوج ببعض الحقوق الزوجية كالنفقة وتأمين السكن، وقيام الزوجة بواجباتها المنزلية والتربوية بحيث يظهر للناس استقامة العلاقة الزوجية، ولكن في الواقع هما على خلاف ذلك ويصبح واضحا جليا هذا الخلل لجميع أفراد الأسرة برغم حرص الزوجين على الحفاظ على شكل الأسرة أمام المجتمع والأهل والخوف من فكرة الطلاق المعلن و يظل عقد الزواج سارياً أمام الجميع، لكنه زواج (( مُنتهي الصلاحية))، صمت وهجراً في الكلام وقلة اهتمام وتشتت وعدم استقرار نفسي وقلق وأمور يسودها الضباب ودوامة ليست لها نهاية وما هي إلا غطاء لهذه العلاقة الصامتة كـ بركان خامد مملوء بالحمم يوشك أن ينفجر..
الطلاق العاطفي له أسباب:
١- انعدام الثقة بينهم في كل جوانب حياتهم وعدم شعورهم بالأمان .
٢-الفتور وزيادة العتاب واللوم وعدم تلمس الأعذار والتصيد للهفوات الصغيرة وتهويل الأمور وزيادة الاتهامات المتبادلة بعدم المسؤولية واعتقاد أحد الأزواج أنه أفضل من الطرف الآخر ودائما ما يشعره بالنقص ويتعالى عليه في التعامل.
٣-البخل سوء التعبير عن مشاعره لمن حوله إذا كان أحد الطرفين من البخلاء فإن الحياة لا تستمر بسلام بينهما بخل العواطف أشد وأقسى على النفس من بخل المال، بخيل المال تبرأ جيبه من ماله وهو مكروه عند الله منبوذ عند الناس ولكن الأفظع بخيل الابتسامة والبشاشة لا تراه إلا عابساً ينفر منه ومن معاملته الغليظة، بخيل بالكلمة الطيبة والقول الحسن ولاشك أن البخل عاهة في النفس والسلوك.
٤- الأنانية التفكير في أنفسهما وراحتهما ومصلحتهما فقط بشكل شخصي دون الالتفات للطرف الآخر والتقصير في الحقوق والواجبات.
٥-التوقف عن اللجوء إليه ولا يطلب أحد الزوجين شيئا من الآخر ولايعتمد عليه في مساعدته إطلاقا ورمي المسؤولية عليه والتوقف عن مشاركته في أموره الخاصة لشعوره بالوحدة، وبأنه أصبح غريبا عنه.
٦-الصمت: التوقف عن التحدث تماما بين الزوجين وتنتهي فيها المشاعر الودية ويرى حينها الطرفان أو أحد الأطراف أنه لا جدوى من الآخر إطلاقا.
الطلاق الروحي حالة خطيرة تهدم كيان الأسرة وتهز استقرارها ولكن إذا أدرك الزوجان الأسباب وفكرا بعقلانية وإمتلكا إرادة الحل و يبذل كل منهم جهده في تغيير الوضع والرتابة في حياتهما والتنازل للحفاظ على الميثاق الغليظ سيكون تجاوز المشكلة أمراً في غاية السهولة
لكن إذا لم يهتم كلا منهما ولم يعترفا بوجود مشكلة حقيقية سيقع طلاقاً عاطفياً ونفسياً ويبحثون عن البدائل وفي النهاية ممكن يؤدي إلى طلاق علني.
أمنياتي للجميع بحياة سعيدة