جاء نظامُ «حقوق كبير السن ورعايته»، الذي وافق عليه مجلس الوزراء مؤخراً ليقدم العديد من المزايا لكبار السن.
حيث تنص المادة الثالثة من النظام على «حق كبير السن في العيش مع أسرته التي تقومُ على رعايته وحمايته وتشبع احتياجاته"، أما المادةُ السادسةُ منه فتنصُّ على أنه «لا يجوز إدخالُ كبيرِ السنِّ في دار رعاية أو بقاؤه فيها إلا برضاه أو بموجب حُكم قضائي من المحكمة المختصة."
فليس من الدِّين ولا من المفاهيم السوية في المنظومة الاجتماعية إجبارُ المسنين على نمط حياة لا يرغبونه، بل يُتركُ لهم الخيارُ وحرية القرار في هذا الجانب.
ويهدف هذا النظام –وفق وسائل الإعلام - إلى نشر التوعية بحقوق كبار السن وتوفير معلوماتٍ إحصائية موثوقة عنهم؛ للاستفادة منها في إجراء الدراسات والبحوث المتعلقة بهم.
كما يسعى إلى تنظيمِ وتنفيذِ برامجَ مناسبةٍ لكبار السن، تعزز من مهاراتهم وخبراتهم.
لقد جاء هذا النظام بأبعاده الأخلاقية الفريدة بمثابة خارطة طريق للرعاية الكاملة للمسنين وتعزيز اندماجهم المجتمعي، مما يمثل إنصافاً كبيراً لهم من خلال صونِ كرامتهم وتعزيز مكانتهم وحفظ حقوقهم، والخروج بهم من دوائر التهميش الاجتماعي والعزلة والأزمات النفسية والمشاكل الصحية والاضطرابات السلوكية..
كما جاء مُحفزاً لمختلف القطاعات ولمؤسسات المجتمع المدني لمضاعفة جهودها من أجل تقديم الخدمات لهم بشكل أسرع.
ويشكل هذا النظام امتداداً للمادة الـ27 من النظام الأساسي للحكم التي حفظت حقوق المسنين الذين تقارب أعدادهم وفق الهيئة العامة للإحصاء 1،9 مليون مُسِن، يشكلون نحو 5،5% من عدد السكان..
ولأن هذا النظام يساهمُ في دعم النشاطات التطوعية التي تستهدف خدمتهم ويدعم تأهيل المرافق العامة والتجارية والأحياء السكنية والبيئة المحيطة لتكون ملائمة لاحتياجاتهم، فإن الدور المأمول من القطاع الخاص والجهات الأهلية هو المساهمة في رعايتهم عبر إقامة مراكز خاصة وأندية اجتماعية لهم مع الحرص على تمكينهم للعيش في بيئة تحفظ حقوقهم وكرامتهم بما ينعكس على صحتهم العامة النفسية والجسدية، إضافة الى تقديم البرامج الترفيهية والاجتماعية لهم.
ولعل ما تقدمه جمعية البر بجدة من عناية خاصة لهذه الفئة من خلال برامجها الصحية خاصة في مراكز الغسيل الكلوي التابعة لها، إضافة الى برامج خدمات المستفيدين الخاصة بتمكين وتأهيل الأسر المحتاجة بما فيها كبار السن، لعل ذلك يقف شاهداً على الدور المحوري الذي ينبغي أن تقوم به مختلف القطاعات لمساندة الجهود الرسمية في مساعدة ودعم هذه الفئة.
كما لا بد أن يكون لمؤسسات المجتمع المدني مزيد من المبادرات المساندة للجهود الرسمية من خلال مساهمتها في زيادة جرعات التوعية المجتمعية بحقوق هذه الفئة في (الاستقلالية والحماية) من العنف اللفظي أو الإيذاء الجسدي، واختيار السكن الملائم والعمل والاستفادة من خبراتهم التراكمية وتوفير مختلف وسائل الرعاية لهم ومنحهم (المعاملة التفضيلية) في مختلف القطاعات بما يتوافق مع الجهود الرسمية في تحسين جودة الحياة ورفع مستوى الخدمات المقدمة لهم في المجتمع عامة وفي دور الرعاية خاصة.
إن هذه الفئة هي جزءٌ أصيلٌ من البناء الاجتماعي، بل هي مَنْ وضعَ لَبَنَاته الأولى، وهي تستحق منا جميعاً مزيجاً من الرعاية والاهتمام والسعي إلى إزالة المُكدِّرات والهموم والأحزان عن حياتهم، وتحفيزهم على تقديم إسهامات عدة للمجتمع خاصة في مجال الاعمال التطوعية، استرشاداً بقوله صلى الله عليه وسلم: "ابغوني في ضعفائكم، فإنما تُرزقون وتُنصرون بضعفائكم".