فرق كبير بين أن يخفي الشخص بعض الأسرار عن الآخرين وحتى عن المقربين وبين أن يحاول أن يضفي على حياته غموضًا مصطنعًا متكلفًا باردًا بقصد الشهرة أو تحقيق بعض المكاسب النفسية كما إن الغموض البارد تقنية يمارسها غالب الأشخاص وأيضا هتك الأسرار والتعدي على الخصوصيات بل والفضيحة في كثير من الأحيان ..
إن محاولة الشخص العادي منا أن يحمي نفسه ومعلوماته وخصوصياته من أن تكون مشاعًا للناس مسألة صعبة في عصر الهواتف الذكية فأصبحت الحاجة للغموض بأنواعه ملحة وحيوية للغاية.
إن بعض الأنماط البشرية قليلة الكلام ضعيفة التواصل البشري تعيش غالب حياتها مع الأفكار والإبداع والإنجاز دون الحاجة لكثرة التواصل المؤدي إلى كشف ما في حياته للآخرين انشغل بنفسه فانشغل الناس عنه..
ويعتقد بعض البشر أن الغموض وإخفاء المشاعر الحقيقية والمواقف الواضحة يضيف حالة من الهيبة والإجلال في قلوب الآخرين سواء أكانوا من المقربين أو غيرهم فيحاول وبشتى الطرق أن يخفي معظم أحواله بل يلمح غالبًا بعكسها محاولة منه لابتزاز الناس وإغراقهم بالحيرة المتعمدة ليصبح حديثهم في مجالسهم حتى لو بالنقد والاعتراض فهو في حالة نشوة مرضية وشعور اضطرابي يدل على عدم الاتزان والوعي بالنفس وبالآخرين حتى أنه يأتي في بعض الأحوال بسلوكيات غاية في العجب والدهشة بحيث لا يصدق الناس أنها تصدر من شخص عاقل أو متزن فلا تجد له جوابًا واضحًا على سؤال واضح بسيط فيلف ويدور ويحاور ويناور لا لجهله ولا ضعف معرفته بل ليحير السامع ولو كان من المقربين منه ..
إن الغموض المتكلف علامة اضطرابية تنشأ عن خلل نفسي عميق قد يكون ممتدًا منذ الطفولة كما صرح بعضهم أن الأطفال كانوا يضربونه، فتوعدهم أنه حين يكبر سيكيل لهم الصاع صاعين فلما كبر تسلط على الضعفاء ومن لا حول لهم ولا قوة، وهي محاولة تعويضية في دائرة العنف النفسي الذي تكون لديه منذ الطفولة بحيث يتحول من ضحية إلى جلاد في نفس الدائرة التي مورست عليه، ولكن كيف يمكن له أن يتحول إلى بطل إلا عن طريق إضافة هالة من الغموض المغلف بالابتزاز النفسي لعموم الناس أو لأفراد دائرته المقربة ..