يطلق التفكير على عملية التخيل العقلي الداخلي للأفكار، من دون النطق بها. ويعتمد التفكير على المفاهيم التي تتكون بدءاً من الطفولة، حينما، يتعلم الطفل خصائص الأشياء والأحداث وأسماءها ويختزنها في ذاكرته كي يستخدمها في عملية التفكير الموجَّه (لحل مشكلة ما)، أو غير الموجه.
ويعتمد التفكير على تكوين المفاهيم، وفهْم المعاني، وإدراك العلاقات بين الأشياء، التي تكتسب من خلال عملية التعلم السابق، المتمثلة في الإدراك والذاكرة والوجدان. كما يعتمد على الوعي والانتباه، فلا يمكِن شخصاً أن يفكر تفكيراً موجَّهاً هادفاً، من دون وعى وانتباه، على الرغم من أن الصورة العقلية، قد تحدث من دون وعي وانتباه، في حالات التفكير غير الهادف، مثلما يحدث في الأحلام أثناء النوم، وفي أحلام اليقظة. ولا يمكِن ملاحظة التفكير، سواء كان هادفاً أو غير هادف، ما لم يصدر سلوك يعبّر عنه، لغوياً كان أو حركياً. ومن ثم، فإن عملية التفكير، تعتمد على سلامة مراكز الوعي والانتباه، المتمثلة في الجهاز المنشط الشبكي، وارتباطه بقشرة المخ ومراكز الإدراك والذاكرة، والترابط بين مناطق قشرة المخ المختلفة
ويتطور التفكير عبْر مراحل النمو العقلي، من الطفولة إلى الرشد، حسب اكتساب المفاهيم، والقدرة على تصورها، واستخدام الرموز، وتجريد المعاني، ويُعَدّ التفكير التجريدي أعلى درجات التفكير .
•خصائص عملية التفكير
يتميز التفكير، وهو عملية عقلية معرفية، بالخصائص التالية:
التفكير نشاط عقلي غير مباشر:
فلكي يتوصل الإنسان إلى إقرار علاقات بين الأشياء، فانه يعتمد على احساساته وادراكاته المباشرة، وأيضاً على معلومات الخبرات السابقة التي تتجمع في الذاكرة .
يعتمد التفكير على ما استقر في ذهن الإنسان من معلومات عن القوانين العامة للظواهر.
ينطلق التفكير من الخبرة الحسية الحية وهو لا ينحصر فيها ولا يقتصر عليها.
التفكير انعكاس للعلاقات والروابط بين الظواهر والأحداث والأشياء، في شكل لفظي ورمزي.
يرتبط التفكير ارتباطاً وثيقاً بالنشاط العملي للإنسان.
التفكير دالة الشخصية: فالتفكير جزء عضوي وظيفي من البنية الكلية للشخصية. فنظام الحاجات والدوافع والعواطف والانفعالات لدى الفرد، واتجاهاته والقيم والميول والخبرة السابقة، والاحباطات والاشباعات في حياته، كل هذا ينعكس على تفكيره ويوجهه، بل إن أسلوب الفرد في التفكير، يتحدد من أسلوبه في الحياة بصفة عامة.
•العمليات العقلية في التفكير
التفكير عند الإنسان عبارة عن عملية عقلية Mental Process معقدة، تتألف من مجموعة من العمليات العقلية Operations التي يتم خلالها نشاط التفكير وهذه العمليات هي:
المقارنة Comparison وتعرف بالمقابلة أو الموازنة، وتتمثل في العلاقات والارتباطات بين الظواهر أو الأشياء أو الأحداث، واستخلاص واستفراد هذه الظواهر أو الأشياء أو الأحداث في الإدراك وفي التصور عند الإنسان.
التصنيف Classification وهو العملية التي يتم فيها تجميع الأشياء أو الظواهر، وفقاً لما يميّزها من معالم عامة مشتركة، وحيث يوضع لها تجميع Grouping أو تصنيف Categorizing وبحيث تضم مفاهيم معينة للظواهر أو الأشياء.
التنظيم Systematization وهو العملية التي يتم بها ترتيب أو تنسيق فئات الأشياء أو الظواهر في نظام معين، وفقاً لما يوجد بين هذه الفئات من علاقات متبادلة.
التجريد Abstraction حتى يتحقق التفكير، فإنه يتم وفق تمييز الخصائص المستقلة للأشياء، كما يتم بطريقة متجردة عن الأشياء ذاتها.
التعميم Generalization يرتبط التجريد بالتعميم، على أساس أنه عند التوصل إلى تحديد الخصائص المتجردة للأشياء، فإن هذا يعني أن التفكير اتخذ شكل التعميم.
الارتباط بالمحسوسات Concretization يتطلب التجريد عملية عقلية عكسية، وهي الانتقال من التجريد والتعميم إلى الواقع الحسي، الذي يُعد شرطاً مهماً للفهم الصحيح للواقع.
التحليل Analysis وهو العملية العقلية، التي يتم بها فك ظاهرة كلية مركبة إلى عناصرها المكونة لها، إلى مكوناتها الجزئية.
التركيب Synthesis عكس عملية التحليل، إذ إن التركيب كعملية عقلية، يتم بإعادة توحيد الظاهرة المركبة من عناصرها التي تم تحديدها في عملية التحليل.
الاستدلال Reasoning يقوم الاستدلال العقلي على استنتاج صحة حكم معين من صحة أحكام أخرى. ويؤدي الاستدلال الصحيح إلى تحقيق الثقة في ضرورة وحتمية النتائج التي يتوصل إليها.
والاستدلال نوعان:
أ. الاستنباط Deduction وهو العملية الاستدلالية التي بها نستنتج أن ما يصرف على الكل يُصرف أيضاً على الجزء.
ب. الاستقراء Induction وهو العملية الاستدلالية، التي بها يتم التوصل إلى نتيجة عامة من ملاحظة حالات جزئية معينة.
•محفزات التفكير :
إنّ تحفيز القدرة التفكيرية بعدة عوامل خاصة وعامة من حيث ارتباطها بالإنسان نفسه أو بغيره من عناصر محيطة، ولكن أثر هذه المحفزات يتعاظم إذا قصد الإنسان تفعيل دور هذه المحفزات ، وتوجيهها بشكل مؤثر بعد بذل الجهد العقلي والنفسي والبدني المناسب . ومن هذه المحفزات :
١- تقوى الله تعالى ودوام مراقبته ، والسعي الدائم لتحقيق مرضاته، والبعد عن معصيته ، ومخالفة أمره ونهيه.
٢- الإكثار من التأمل والتفكير في ماكوت السموات والأرض ، وسنن الآفاق والأنفس ، والسعي الدائم لاكتشافها وتوظيفها بمهارة وإحسان.
٣- ديمومة الإنجاز وإن قل ، والحذر من التسويف وتراكم الواجبات وتزاحم الأوقات.
٤- القناعة والتمتع بالموجود من نعم الله الكثيرة . والواقعية في الطموح وأسلوب التعامل مع النفس والحياة .
٥-التفاؤل والإيجابية ، والحذر من الإحباط والارتكاس.
٦- نقاء السريرة ، والتصافي والتحاب.
٧- عدم التعلق بالدنيا، والزهد بها ، والزهد بما في أيدي الناس.
٨- التعليم المستمر ، وزيادة الحصيلية العلمية الدائمة .
٩- الاجتهاد وتواصل الأداء ، ودوام المحاولة والمراوحة .
١٠- التدوين والتوثيق للأفكار وخلاصات التجارب الحياتية والخبرات المعرفية .
١١- الاهتمام بالأفكار وأن بدت أنها بسيطة وإيلاؤها العناية اللائقة سواء كانت أفكار شخصية ذاتية أو أفكار من الزوجة والأولاد أو الناس أو من وحي الحياة والمعايشة ، وتقلبات شؤون الحياة .
١٢- المطالعة والقراءة مهما تعددت وسائل المعرفة الحديثة ،من معلومات إلكترونية ومصادر معرفية عبر شبكة الإنترنت .
١٣- الإطلاع على الاكتشافات والاختراعات الحديثة ، وفهم واستيعاب أفكارهم الرئيسية وبدايات ودواعي ابتكاراتها وتطويرها، والتأمل والتفكير في ذلك .
١٤- تحفيز العقل والنفس للإنجاز وللإبداع ، والاقتناع بالقدرة على ذلك ، ومحاولة الابتكار والاختراع والحرص على توفير الدافعية المتجددة وعدم الخوف من الفشل .