في خلق الكون عجب يتجاوز حد العجب ، حيث بث فيه المولى كل مايؤكد عظمته وتفرده، ومن القواعد المنطقية في الحياة حتى بين عموم البشر أن من أراد التعرف على شخص عليه أن يتدبر جميل فعله ونتاج صنعه، ولله المثل الأعلى لذا أمرنا الله أن نرقب إبداعاته و نتأمل خارق مخلوقاته لنستدل على وجوده وقدرته .
وتعد السموات من أعظم ماخلق الله وبرأ، وخلق السموات والأرض أعظم وأكبر من خلق الإنسان كما جزم بالله الخالق سبحانه ، ولهذا فإتقان خلقها ينثر في زوايا عقلك وقلبك بذور التصديق بقدرة الإله وبراعم التسليم بعزته .
فلننظر في قوله تعالى
(وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَّحْفُوظًا ۖ وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (الانبياء .32)
فالسماء سقف يحمي الأرض ويظلل عليها و محفوظ من أن يقع ويسقط عليها ؛ وقيل بأنه محفوظ بالنجوم من الشياطين ؛ وقيل محفوظ من الهدم والنقض ، وعن أن يبلغه أحد بحيلة، وقيل محفوظ ومرفوع فلا يحتاج إلى عماد، هو سقف محفوظ من الشرك والمعاصي .
وهذه السموات فيها آيات كثيرة تشمل النجوم والشمس والقمر والكفار لايتطلعون لهذه الآيات ليدركوا عظمة الله، غفلوا عن النظر في السماوات وآياتها ، من ليلها ونهارها ، وشمسها وقمرها ، وأفلاكها ورياحها وسحابها ، وما فيها من قدرة الله تعالى ، إذ لو نظروا واعتبروا لعلموا أن لها صانعا قادرا فيستحيل أن يكون له شريك ، ولايمكن أن يكون كل هذا بلا صانع حكيم.
وهذه الآية دعوة صريحة لطلب العلوم التطبيقية وعلوم الفضاء والأرض وماشابهها فهذا الدين جاء لإيقاظ العقل لا لإيقافه، ولاستثماره لا لتعطيله، وناتج التبحر في هذه العلوم جعل كثيرا من العلماء الملحدين يؤمنون، ومن يعلم ويتعلم لاغيا إدراكه و وعيه يظل منكرا لعظمة الله ، وخير العبادة أن نتأمل في رائع خلقه فكيف إذن بسبر أغوار العلوم وأسرارها.
فلنتعلم كل علوم الأرض والفضاء ولنصل لأسوار المجرة، فقط و نحن نوقن برب المجرات ونعبد صانعها .