من جميل ما قاله الإمام الشافعي: وَعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدي المَساوِيا
وقد فُسِر هذا البيت بما معناه:( عندما تكون راضيًا عن شخص ما فإنك ترى إيجابياته، وتتغافل عن سلبياته والمآخذ عليه، بل تجد لها الأعذار حتى لو كانت، فعينك كليلة أي مُغضية- تغض النظر عنها. وبالعكس فإنك حين تستاء من شخص، فلا ترى فيه بابًا "يفتح على الخير"، بل هو الشيطان بعينه).
وكما يقول الجاحظ: "إذا كانَ الحبُّ يُعْمي عنِ المساوئِ، فالبُغْضُ يُعْمي عنِ الحقائقِ والمحاسِن".
فالمحب لا يرى إلا ما يريد أن يراه، ومن هنا يقع الواحد منا في المتاعب، فيسير وراء من يحب على غير هدى، فيؤمن على ما يقول، ويصدق كل ما يأتي به وكأنه شريعة منزلة.
وليس المقصود هنا نوع محدد من الحب ، بل هو قانون ساري في مختلف أنواع الحب، وليس عند جميع البشر ولكن غالبيتهم، وكما قال الأديب ميخائيل نعيمة في كتابه" النور والديجور" إلّا أنّ الحبّ لا يدوم . فما أن يشرق حتى يغرب، وما أن يحلّ في القلب حتى يرتحل، فيمضي وكأنّه الطيف في المنام. وتأتي اليقظة فلا يبقى من الحبّ غير الذكرى، وإذا المحبوب عظم ولحم ودم تتحكّم فيه الشهوات البشرية بعديد أصنافها. فآناً تسوقها شرقاً وآونة غرباً، وإذا نحن نبصر في المحبوب أكثر من نقص واحد وأكثر من سيئة واحدة".
وكم عقد أناس في هذه الحياة من الصداقات والعلاقات الإنسانية، ورأوا فيمن ارتبطوا بهم صفاء القلب ونقاء السريرة، وأحسنوا الظن فيهم وبعضهم ليسوا أهلاً لذلك، فما أن واتتهم الفرصة حتى قلبوا لهم ظَهرَ المِجَنِّ، وما أصدق الأحوص الأنصاري حين قال: قَلَبَت لي ظَهرَ المِجَنِّ فأَمسَت قَد أَطاعَت مَقالَةَ الأعداءِ
وقد أعجبني ما قاله الكاتب المصري عبد الوهاب مطاوع : "إن من يحب أقل يتحكم أكثر ومن يحب أكثر يخضع أكثر"، كلما زاد قدر الحب فى قلبك شعرت معه بالتخبط وعدم القدرة على التقدير الدقيق والحكم على الأشياء ، فعين الحب عن كل عيب كليلة ، وقال شكسبير "الحب أعمى والمحبون لا يرون الحماقة التي يقترفون".
وكم من قصص سمعناها أدمت القلوب لقبح ما انتهت به، فالبعض يقع في حب طرف ثاني وينسج من خيالاته الجميلة عوالم لا حد لها، يملؤها الأمل والتفاؤل، وتزينها أحلام بمستقبل مشرق لا يعكر صفوه شيء، وما أن تتوثق العلاقة حتى تكشر الذئاب عن أنيابها، وتغير الأفاعي جلودها، وتتلاشى الأحلام، وتبهت الصور الوردية بعد وقوع المحظور، وتتوشح الدنيا ثياب السواد.
الحب أقصى ما يحتاجه الوسطية والاعتدال فمما يُروى عن الإمام عليّ رضي الله عنه: (أحبب حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضَك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما)،
كما يحتاج إلى النظر بعين فاحصة ناقدة لمواطن الخطأ في شخصيات من نحب، فالحب ليس انجرافاً، ولا فقدان للسمع والبصر والوعي، الحب أن نحب بقلوبنا وعقولنا معاً، لأن إحكام العقل يساعدنا على التقليل من الخسائر في حال وقعنا ضحايا لهذا الحب.
- 07/04/2025 هيئة تطوير عسير تبرز فرص الاستثمار السياحي في مؤتمر برلين العالمي
- 07/04/2025 وكلاء إمارة منطقة عسير والمحافظون يشاركون المرضى فرحة العيد المبارك
- 07/04/2025 تكليف الدكتور إبراهيم المحائلي مديرًا لوحدة الاستقطاب والاتصال المؤسسي بالكلية التطبيقية بمحايل عسير
- 07/04/2025 الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير جامعة الطائف
- 07/04/2025 الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بمناسبة عيد الفطر
- 07/04/2025 الشباب يواصل انتصاراته بعد تغلبه على الوحدة
- 06/04/2025 المنتخب السعودي يحجز مقعده بمونديال الناشئين تحت 17 عاما
- 06/04/2025 رسمياً”.. انضمام الحكمة المساعدة إيمان المدني إلى قائمة الحكام المساعدين النخبة الآسيويين
- 06/04/2025 الخليج يهزم الرائد في عقر داره ويدخله في حسابات الهبوط
- 06/04/2025 التعادل يحسم المواجهة بين الفيحاء والفتح
المقالات > عيون الحب عمياء

عيون الحب عمياء
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.albayannews.net/articles/222080/
التعليقات 1
1 pings
فاطمة الجباري
02/07/2022 في 7:05 م[3] رابط التعليق
أحسنت طرحاً وأصبت قولاً .. أ. هدى
الحب أعمى لدرجة الغباء أحياناً والسذاجة حد الهلاك
ليس كل حُب صادق ..
نادرون هم من يستحقون الحب والوفاء لهم..
إذا كانت عين الكره ترى المساؤى كلها فعين الحب ترى المحاسن كلها وتغض الطرف طوعاً لاكرهاً
حينها يغيب العقل وتضعف الإرادة ويسيطر الهوى وحده على القلب والعقل فيوقعه في الخطأ الف مره