بين الأمس واليوم تغيرت أشياء كثيرة تغير نمط الحياة وأسلوب العيش وسلوك المجتمع وأشياء أخرى منها ما صار في مستودع النسيان والإهمال ومنها ما أستبدل بحجة العولمة والحداثة ومنها ما يزال على شكله ووضعه بالرغم من إختلاف الوانه و أشكاله واليوم نظرة بسيطة على واقعنا وإطلالة على محيطنا تجعلنا نقطع الشك باليقين ونفتح باب التأويلات ونجتهد لفهم مايحدث قد ننجح وقد نفشل المهم أن نحاول والمحاولة في حد ذاتها نجاح ..
فلنحاول أن نتأمل في وضع الايام وتفاصيل زمن جميل ولى وبين ما نعيشه بالأمس القريب كنا نعيش حياة واقعية ملموسة واقعية بكل تفاصيلها من حيث الزمان والمكان والأحداث وملموسة من حيث الرؤية والأهداف نحتفل بنجاحاتنا و أفراحنا دون الحاجة لإشهار ذلك نفرح و نحزن دون أن يعلم العالم بذلك نجتمع مع عائلاتنا على طاولة الإفطار بدون أن نخبر الجميع أن الوجبة شهية أو الطعام لذيذ نقوم بسفريات نزهة وإستجمام الى أماكن متعددة دون أن نهمس بذالك لأحد دون أن نصرخ ونهتف بذالك نفعل أشياءا كثيرة متنوعة ومختلفة نفعلها لأنفسنا فقط ..
علاقاتنا كانت علاقات حقيقية مع أشخاص حقيقيين إن أحببنا أحدهم أحببنا طريقة كلامه تعابيير وجهه ضحكاته نظراته و إن ناقشنا آخرا ناقشناه وجها لوجه تختلط أصواتنا ترتفع .. تنخفض ننظر إلى أعين بعضنا بنظرات ثاقبة دامعة محبة ثائرة نفهم بعض واليوم لم يعد الأمر كذالك تغيرت أشياء كثيرة (لا داعي للمقارنة ولو من باب المحاولة) لقد تحولت حياتنا الواقعية بكل تفاصيلها إلى أخرى افتراضية وهمية لا ندري حقيقتها ولا نلمس درجات وجودها من عدمها بل وأضحت شاشات هواتفنا النقالة وحواسيبنا نافذة تفصل بين العالمين لا نعي من الأصل فيهما هل العالم الواقعي أم الإفتراضي صرنا مرتبكين ..
اليوم دخل حياتنا العالم الإفتراضي دخل خفية فأصبح لدينا صديق وهمي تعليق و إعجاب وهمي ضحكات وهمية نكتب بوجه عابس أحيانا وبآخر ضاحك أحيانا أخرى إن اشتقنا لشخص أرسلنا له رسالة و إن غضبنا من شخص حذفناه من قائمة الأصدقاء ببساطة أصبحت ردود أفعالنا عبارة عن نقرات على الشاشات ودردشات على النوافذ هجرنا الواقع والطبيعة و فضلنا لوحة المفاتيح على الوجوه و الكلمات هجرنا عائلاتنا أسرنا وأهالينا هجرنا أصدقائنا ومحبينا هجرنا تفاصيل حياتنا البسيطة والجميلة هجرنا المواقف و المحادثات و النقاشات إبتعدنا عن قراءة الكتب وعن الثقافة هجرنا أنفسنا و تهنا لا نعلم أي عالم سنعيش الواقع أم الوهم ..