كل منا بداخله وحش يستوطنه، وهذا ليس عيباً ولا جرماً، إن العيب والجرم يكمن في تركنا المجال لهذا الكائن الذي أوجدته أفكارنا ومزاجنا المتلون ليكبر ويستعبدنا، فنحن أحياناً نشعر بالحزن يعتصر قلوبنا، ومرة يبلغ غضبنا مما حولنا منتهاه، وغير ذلك من المشاعر السلبية التي لا يخلو منها قلب حي ينبض.
كلما زاد عمر الإنسان كلما كثرت المتغيرات والظروف، واحتدم الصراع بينه وبين نفسه أو بينه وبين الناس.
ليس على وجه الأرض من لم يشعر بالغضب وعدم الرضا لأي سبب كان، ولن تجد من لم يتجرع من كأس الحرمان، فالغاضب والحزين والمحروم يرى العالم حوله من خلال منظاره الشخصي الذي تهشم زجاجه، وتلطخ لونه بالسواد.
هنا يبدأ الوحش الصغير بإخراج رأسه فإن تركنا له المجال وأفسحنا له الطريق بتمادينا في أحاسيسنا السلبية وتغذيتنا لها، فسنراه يخرج جسده القبيح شيئاً فشيء، ويبدأ في التحول والتعاظم حتى يصبح مارداً يسيطر علينا ويتحكم في تصرفاتنا وطرائق تفكيرنا.
من منا لم يغضب؟ أو يحزن؟!ليس هناك من لم يعش هذا الشعور الذي يقف بنا في منتصف الطريق فإما أن نتجاهله ونصرف تفكيرنا عنه لنمضي قدماً، وإما أن نتقزم أمامه ونطلق له العنان فيتملكنا ويقتلع من أنفسنا جذور السكينة وراحة البال، فنتصرف من منطلق القوى الشيطانية المستوطنة بنا.
الغضب يخرج ما بداخلنا من قبح لطالما حاولنا مداراته حتى لا يراه الناس والرسول عليه الصلاة والسلام نبهنا إلى فداحة هذا الأمر، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال "جاء رجل، فقال: يا رسول الله، أوصني. فقال: لا تغضب. ثم ردَّدَ مراراً. فقال: لا تغضب" من بين كل الوصايا التي نحتاجها في حياتنا أوصى عليه السلام بعدم الغضب.
إن الغضب صورة من صور الانفعال النفسي والتي تؤثر على قلب الشخص حيث يزيد من عدد مرات انقباضات قلبه في الدقيقة الواحدة فيضاعف من كمية الدماء الداخلة إلى القلب والخارجة منه، مما يجهد القلب ويحصل ما لا تحمد عقباه، فليمت كل منا وحشه.