قد أكون قاسياً في العبارة لكنها قسوة المحبين..
لقد قال تعالى: {ألَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ ولكن لَّا يَعْلَمُونَ}، لم تكن تُعرف تلك "الديوانية" إلا بأنها مجمع التائهين في مسار الحياة عندما لم يجدوا طريقا لتحقيق أهدافهم فيها.
كان الواحد منهم يتصدر ذلك المجلس ويتكلم في كل شاردة وواردة كأنه علّامة زمانه وأعجوبة عصره ناهيك عن كمية المغالطات المنطقية التي يقع فيها! وربما كانت الصفة المشتركة بين هؤلاء هي أنهم "سفهاءُ التافهين"! لا تكاد ترى من بينهم رجلا يريد تغير نفسه فضلاً عن تغيير الآخرين، يتعلق الواحد منهم بسفاسف الأشياء ، أحدهم مثلاً يتعلق بأحد المسلسلات المشهورة حتى لا يكاد يستطيع النوم وكأنها أخذت نياط قلبه، وآخر تراه مهووساً بتشجيع فريق رياضي وكأنهم أهله وذويه في حين حتى حارس بوابة ذلك النادي لا يعرفه!!
أما الآخر فيعيش كالحيوان يشرب ويأكل وينام! ولكن ربما خلق الله السفهاء لحكمة، فنعرف بهم مقدار نعمته علينا، فنشكره، ونذكره، ونُسَبِّحه بُكرةً وأصيلاً. وقد صدق فيهم قول المعري:
ولا تـجلِس إلـى أهـلِ الـدّنايا
فـإنّ خلائِـق السُـفهاء تُـعـدي
ألم يحن الوقت بعد ليتحرك أحدهم ليغيّر شيئاً!؟ نعم، أتفق أن التغيير صعب، وأن الانتقال من هذه الحالة إلى حالة أكثر جدية ليس أمراً سهلاً!
ولكن يمكن البدء ببعض وسائل التغيير، ويكفيهم للتغيير أن يتحرك أحدهم وسيرى النتائج المبهرة بعد مدةٍ قصيرة!
ليبدأ أحدهم مثلاً بوضع خطة لهذه الديوانية.. ماهي الأمور الجادة البسيطة التي نستطيع عملها، وكيف يمكننا أن نستثمر شيئاً من أوقاتنا هنا؟ لينظر كلٌ منهم إلى دائرة تأثيره، والأمور التي يستطيع تغييرها فعلاً، بدءًا بشخصيته وتطويرها وانتهاءً بالمجموعة التي يجتمع معها وجداولهم.
أيضاً الصبر والمجاهدة؛ فطريق التغيير صعب طويل، ولكن الثمرة في النهاية تنسينا كل التعب، ولنتذكر قاعدة "التخلية قبل التحلية"، وهي أن نهجر سلوكاً سيئاً لتمسك بدلاً عنه بسلوك حسن.
وإن لم يستطع أحدهم التغيير وسط هذه المجموعة أو الديوانية، فأظن أن عليه التفكير الجاد في التخفيف من الاحتكاك بهم، فالعلاقات المحيطة بالإنسان من أكبر ما يؤثر عليه.
ختاماً:
لا تستهويني مجالسة السفهاء والتافهين ولم أندم في حياتي على شيءٍ كندمي على أني أضعت أوقاتًا ثمينةً مع التافهين في اهتماماتهم التي لا تشبهني.. كل ذلك بحجة البساطة والعفوية! ولكني علمت أن الأمر ليس كذلك؛ بل هو سوءُ تقديرٍ للنفس وإضاعةٌ للوقت في أوهام.
التعليقات 1
1 pings
عبدالمُنعم الشُعيبي
28/08/2019 في 3:18 م[3] رابط التعليق
جزيل الامتنان لك أخ ناصر على هذا المقال، ولو أنك لم تُكن مُنصف من وجهة نظريْ.. فليس كل ما تراه حقيقة، لا أعلم ما اذا كنت تملك إحصائيات موثوقة عن ما يحدث في “الديوانية”، لكن نظرتك كانت مقتصرة، لم أفهم لماذا تم اتهامهم بأنهم تافهينْ أو سفهاء، وبنصائحك أنت تقول بأنهم فارغين بلا عمل ولا أمل.. قد تكون هذه الأماكن متنفس الليل في ظل العمل الكادح في النهار، فلماذا تجحدهم، وتعتقد أنها مضيعة للوقت!! تجمع الصداقة وحده هذا فيه فائدة..
ثم كيف لك وصف الأشخاص المختلفين عن اهتماماتك بأنهم تافهين؟ ايحق لك فعلا، أم تريد الجميع مثلك؟ كونها لا تستهويك، ولا تعجبك هذا لا يعني أنها سيئة!
أعتقد أنك ناقشت الموضوع بنظرة ضيقة جدا، لكني أثني بحق على لغويتك الجيدة.
(0)
(0)