ضمن أعمالها الأدبية الرائدة المتعددة تنظم مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية من يوم ١٩ إلى يوم ٢١ من شهر مارس الحالي فعاليات الدورة الثامنة عشر لمهرجان الشعر العربي المقام في دولة الكويت تحت عنوان (معجم البابطين لشعراء العربية في عصر الدول والإمارات) مع إحتفاء خاص بالشاعرين إبن سناء الملك وإبن مليك الحموي
وإبن سناء الملك هو أبو القاسم هبة الله بن جعفر بن سناء الملك، وهذا هو لقبه الذي شُهر به، شاعر وأديب متميز، ولد في مصر سنة (550 هـ - 608هـ)، وشبَّ في ظل أسرة عريقة، نعمت بالغنى والثروة، وجمعت معها الفضل والمعرفة، وترعرع في ظل أب يرعاه، ويهتم بتعليمه وتثقيفه، فجمع في نشأته الأولى بين علوم الفقه والدين واللغة، وكان مُلمَّاً ببعض اللغات الأجنبية المنتشرة في تلك الحقبة، كاللغة ألفارسية التي كان يتقنها وينشر بعض إنتاجه بها، كما كان ملماً بعلوم الفلك.
ويأتي على رأس علاقات ابن سناء الملك مع علماء عصره علاقته بالقاضي الفاضل، الذي يقول عنه: «هو الأستاذ وأنا التلميذ له، والمتعلم منه». فكانت بينهما مودة وتواصل بالرسائل، وكتاب «فصوص الفصول» حافل بالرسائل التي أرسلها القاضي الفاضل إلى ابن سناء الملك، والرد عليها، وكان لهذه الصلة أثر بارز في حياة ابن سناء الملك، لأن القاضي الأثير عند صلاح الدين الأيوبي جعل ابن سناء الملك مقرَّباً من صلاح الدين وحاشيته وأخيه الملك العادل ومن الوزراء ابن شكر. وقد استدعاه القاضي الفاضل إلى دمشق، ولكن حنينه إلى القاهرة أعاده سريعاً إلى مصر. إلا أن شهرته الشعرية طبَّقت الآفاق فَعُرف بين شعراء مصر وشعراء الشام، وكانت له مجالس تجري فيها المحاورات والمفاكهات التي يروق سماعها، وكانت داره إحدى المنتديات التي جمعت أسباب الترف واللهو، ولكنه كان على جانب كبير من الأخلاق الكريمة، فيها الاعتدال والورع والتقوى والشموخ والاعتداد بالنفس.
ترك ابن سناء الملك تراثاً رائعاً يأتي على رأسه:
ديوانه الشعري، وهو ديوان بديع يشهد برسوخ قدمه في الشعر، وكتاب دار الطراز في عمل الموشحات، وهو أول كتاب نظر للموشحات في تاريخ الأدب العربي كله، حيث قام ابن سناء الملك بوضع أصول وقواعد نظم الموشح كما فعل الخليل مع الشعر، كما يتضمن عدداً كبيراً من الموشحات الأندلسية القديمة، وموشحات ابن سناء الملك. وكتاب فصوص الفصول وعقود العقول، ويتضمن رسائله مع القاضي الفاضل
وكتاب مختصر الحيوان للجاحظ.
قال العماد الأصفهاني عنه لما قابله: «... فوجدته في الذكاء آية، قد أحرز في صناعة النظم والنثر غاية، تلقى عرابة العربية له باليمين راية، وقد ألحفه الإقبال الفاضلي في الفضل قبولا، وجعل طين خاطره على الفطنة مجبولا، وأنا أرجو أن ترقى في الصناعة رتبته، وتغزر عند تمادي أيامه في العلم بغيته، وتصفو من الصفا منقبته، وتروى بماء الدربة رويته، وتستكثر فوائده، وتؤثر قلائده..».
وديوان الشاعر هو ديوان ضخم، وكانت قصائده متعددة الأغراض، لا تخلو من مدحه لنفسه، يأتي فيها بعد المدح غرض الغزل، ثم غرض الموشحات فقد نسج موشحاته على الطريقة المغربية.