تحلو المجالس بروادها، وتطيب الزيارات حين تسقط الكلفة بين الحاضرين مع بقاء الأدب، فتنطلق النفوس من عقالها، فتفرح وتبهج وتأنس، والزيارات تتميز بها مجتمعاتنا بما تحمله من تآلف وتقارب وصلات، وقديما قال الشاعر المعروف راكان بن حثلين في بعض صفات المجالس المرغوبة:
يا ما حلى الفنجان مع سيحة البال...
بمجلس ما فيه نفس ثقيله
هذا ولد عم وهذا ولد خال...
وهذا رفيق ما لقينا مثيله
وقد يبتليك الله بشخص ثقيل يزورك، لأنه لا يزار، فتغتم نفسك لذلك، وتحاول أن تدافع هذا الشعور، وتظهر له من طيب الكلام، وحسن الوفادة، ما يعبر عن ذاتك، فلا تشعره بالنفرة التي تحس بها بسبب ثقله، حتى يجعل الله لك من أمرك فرجا، وييسر لك من ضيقك مخرجا.
ومن طريف ما يروى أن ثقيلا تردد على ظريف، وأطال ترداده عليه حتى سئم منه، وفي مرة سأل الثقيل صاحبه: من تراه أشعر الشعراء ...؟
فأجابه الظريف: هو ابن الوردي بقوله :
غب وزر غبا تزد حبا فمن...
أكثر الترداد أقصاه الملل
فقال الثقيل: أخطأت فإن النجاري أشعر منه بقوله:
إذا حققت من خل ودادا...
فزره ولا تخف منه ملالا
وكن كالشمس تطلع كل يوم...
ولا تك في زيارته هلالا
قيل للشعبي: هل تمرض الروح...؟
قال: نعم، من ظل الثقلاء.
قال بعض أصحابه: فمررت به يوماً وهو بين ثقيلين فقلت: كيف الروح...؟
قال: في النزع.