اكبر عقوبة في التاريخ للغياب
وما علاقتها بفن الإدارة ومستوى العاملين والطلاب
نجد أن النبي سليمان في مملكته كان شديد العقاب لمن يعصي اوامره او يتخلى عن المهام الموكلة له أو يتغيب بدون عذر يقول تعالى ﴿وَتَفَقَّدَ الطَّيرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الهُدهُدَ أَم كانَ مِنَ الغائِبينَ﴾
وتفقد الطير تعني هنا أن رئيس أي منشأة يقوم بمتابعة حضور مرؤوسيه بنفسه ورغم أن هذا المسئول كان ملكا ونبيا فقد قام بهذه المهمة بنفسة ولم يوكل المهمة لغيره وحينها لم يجد الهدهد حاضرا
ثم بعدها عند تسجيل الغياب أعلن قانون الغياب الصارم وما اصرمه من قانون انه العذاب او القتل يقول تعالى على لسان سليمان ﴿لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذابًا شَديدًا أَو لَأَذبَحَنَّهُ أَو لَيَأتِيَنّي بِسُلطانٍ مُبينٍ﴾
ولكنه أجل العقوبة و أعلن الغائها في حالة ان يأتي المتغيب بسلطان مبين وهو ما يسمى عندنا في علم الإدارة بالعذر الشرعي
ما اعتقده ان وظيفة الهدهد في مملكة سليمان لم تكن وظيفة عادية كوظيفة اي طير آخر وان المهام التي كان يقوم بها كانت جسيمة فقد يكون وزيرا للطيور في مملكته او موكلا بمهام عليا في مرتبة عالية لذلك فعقوبة الرؤساء عند عدم القيام بمهامهم أو تغيبهم وانصرافهم بدون عذر لابد أن تكون مغلظة لأن عدم وجودهم يخل بمنظومة العمل بأكملها وهو ليس كعدم وجود موظف صغير لديه مهام بسيطة وكون سليمان عليه السلام كان ملكا فالملك لا يتابع عمل الا الوزراء وذوي الشأن في المنظومة
وقد كان العذر فعلا يستحق انصرافه عن مهامه الموكلة إليه ويتوجب الغياب عن الحضور وهذا يجيز لأي مسئول ان ينصرف عن مهامه الاساسية لمهمة عليا يرى اولويتها لقد جاء سليمان بدعوة التوحيد والهدهد وجد قوما لا يوحدون الله اي وجد ما يسمى بالخطأ الجسيم في علم الجودة وهذا عذر شرعي أستحق عليه النجاة يقول تعالى
﴿وَجَدتُها وَقَومَها يَسجُدونَ لِلشَّمسِ مِن دونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيطانُ أَعمالَهُم فَصَدَّهُم عَنِ السَّبيلِ فَهُم لا يَهتَدونَ﴾
ثم قال نعالى على لسان سليمان بعد ان جاء الهدهد بالعذر مظهرا ضرورة التأكد من هذه الأعذار وبيان صدقها من كذبها وهذا ما تقوم به ادارة المراجعة الداخلية ومراقبة الدوام لدينا ﴿قالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقتَ أَم كُنتَ مِنَ الكاذِبينَ﴾
فأرسل الى ملكة سبأ الرسائل وتأكد له صحة ذلك الأمر الذي غير مجرى تاريخ مملكة بحالها الذلك عندما نسمع ان وزارة التعليم حينما تصدر عقوبات على غياب الطلاب مثلا خمسة عشر يوما وينقل الطالب او يحقق مع ولي الأمر فهذا شيء جيد لا يستحق التذمر لأن عملية الأنضباط هي من أهم أساسيات قيام الدول والمؤسسات فلولا الأنضباط لما قامت مملكة سليمان عليه السلام وهل الطالب عضو فعال مثل الهدهد ليستحق مثل تلك العقوبة التي لا تقارن بعقوبة الهدهد نقول نعم الطالب هو المستقبل والشباب هم عماد هذا الوطن وبذلك كان اكتساب الأهمية لديهم ووجوب انضباطهم
يأتينا بعدها تساؤل يقول ان هل كان سليمان عليه السلام يصدر احكاما قوية من رأسه فعلا لا لأن علم الأنبياء وان أخطأوا يكون تصحيحه علم يتلقونه من الله عز وجل ويكون تشريعا في زمنهم ﴿وَلَقَد آتَينا داوودَ وَسُلَيمانَ عِلمًا وَقالَا الحَمدُ لِلَّهِ الَّذي فَضَّلَنا عَلى كَثيرٍ مِن عِبادِهِ المُؤمِنينَ﴾ وحضور الأعضاء او المرؤوسين يكون واجبا في ظل وجود مهام موكلة أوجب فهل سيحضر الطلاب في أول أسبوع وآخر اسبوع لمجرد الحضور ام هناك انشطة ومهام وعلم كعلم سليمان يتلقونه
الحضور مهم والمتابعة اهم والمهام الموكلة وانجازها وعدمالانصراف عنها والتواطئ في ذلك اهم منهم جميعا
وفي الأخير
لقد كان الهدهد يملك مهارة رائعة وهي المراقبة واكتشاف الأخطاء ليس بغرض النقد ولكن بغرض إيجاد الحلول والتطوير لذلك استحق هذه المكانة والسؤال بالإسم عنه
لتصلح الأمور من حولنا لابد من ايعاز المهمات لأصحاب المهارات لا لأصحاب القربات والتوصيات .