القناعة هي الرّضا بما أعطى الله والإستغناء بالموجود ليس بين الرضا والقناعة في المفهوم العام فرق كبير،. يُعدّ الرضا أعمّ وأشمل من القناعة، فالرضا حال من أحوال القلب يتعامل فيه الإنسان مع قضاء الله وقَدَرِهِ أما القناعة فأغلبها في الرزق المادّي، فالمسلم يَقنَعُ بما قسمهُ الله له من رزق سواء كان قليلًا أم كثيرًا. فالرضا حال دائم من أحوال القلب فالمسلم بعد أن يُقَدَّر له الرّزق يقنع به، ولكن الرضا قبل الرزق وأثناءه وبعده.فيرضى بما عنده ولا يطمع بما في أيدي الناّس، والقناعة تكون في متاع الدنيا أمّا عن الآخرة بالعمل الصالح وتُسهم القناعة في جعل قلب الفرد مطمئنّاً ومؤمنًا بالله، راضيًا بالقضاء والقدر، وهذا يسهم في أن يحيا المجتمع حياة هنيّة طيبة، خالية من الكراهية والبُغض والضّغينة، فيرتقى الفرد والمجتمع إلى درجات عليا من التقدّم والنجاح، حيث إنّها تحمي الفرد من الذنوب المهلكة كالغيبة والنميمة والحسد، وتؤدي إلى أن تسود الألفة بين أفراد المجتمع وتمنح الفرد حرّيتهُ وتقيه من العبودية والمذلّة، بالإضافة إلى أنها تمنحه راحة نفسية وطمأنينة في العيش بسلام. لا يُمكن أن نغفل عن أهمية القناعة في حياة الإنسان، فهي تؤدّي إلى الرخاء النفسي والجسدي ..
القناعة تجعل الإنسان عزيزًا كريمًا وأكثر سعادة واستقرارًا، وهو غنيّ النفس لا يطلب حاجته إلّا من الله عزّ وجل، وقد قيل إنّ السعادة كنز لا يفنى، لأنّها تُحرّر الإنسان من جبروت المادّة فالمال يزيد وينقص وربما يذهب كلّه، ولكن تبقى المحاسن والفضائل والقناعة التي تؤدّي إلى تقوية الإيمان بالله وترويض النفس، والرضا بما قسمه الله تعالى في كل حال، بالإضافة إلى تأمّل أحوال من هم أقلّ منّا، والتفكُّر في نعم الله عز وجل، ومعرفة الحكمة من تفاوت الأرزاق بين العباد، فالعلم بأنّ الرزق لا يخضع لمقاييس البشر وإنّما هو مقدّر من عند الله، وعلينا فقط السّعي من أجل الحصول عليه وعدم رضا الإنسان هو إلاكثارُ من مُجالسة الأغنياء والانغماس في شهوات الدنيا فالقناعة تبعدنا عن الدنيا وملذّاتها والسّعي الدائم إلى إشاعة الألفة والمحبة بين الناس.فالمال يأتي ويذهب ويبقى العمل الصالح والفضيلة...