هناك الكثير من الذين عبروا تلك الحياة ثم رحلوا فهؤلاء كان من بينهم أناسٌ إذا تتبعت سيرهم ستجدها متلاشية كالسراب فى تلك الحياة الواسعة وساروا على طريقٍ غير طريقهم وفقدوا غايتهم واندثرت أهدافهم فى قبور الحياة، وهناك آخرين ما زالت آثارهم بارزة ذات ملامح برَّاقة وواضحة تسرالناظرين رحلوا وتركوا السيرة الحسنة وبصماتهم اللامعة فى تلك الحياة.. فالحياة مليئة بمنعطفات كثيرةوطرق لا حصر لها ولن تأتينا الفرصة ونستطيع أن نعبرها جميعها، تلك هي القسمة العادلة للحياة، فكيف فالحياة بها مسالك وعرة كيف لنا ان نمشيها وهذا لا يعني أن نجلس متخاذلين لا نحرك ساكناً، فكلٍ منا له طريق يسلكه فى هذة الحياة فإما أن تمر به وتجعله يُزهر حتى لو كان في صحراء قاحلة، أو تمر به وكأنك كنسيم هواء لا يسمن ولا يغنى من جوع ولا يترك أثراً واحداً فتجد نفسك تمر مرور الكرام وكأنك لم تكن يوماً هنا..
ابدأ بعمل إنجاز حتى وإن كنت تظنه بسيطاً فكل إنجاز مهما كان بسيطاً مع الوقت سيولد لديك دافع لإنجاز ما هو أكبر وأعظم وبذلك تكون قد تغلبت على ذاك الركود بداخلك لن يكون للحياة التى تعيشها أي أهمية وستتلاشى معانيها كالسراب إذا ما بقينا في السكون ننتظر على أعتاب الحياة، تجرى بنا الدنيا ولا نستطيع اللحاق بها كما لو أننا كالحجارة المترامية على أطراف الطرقات ليس لنا حولٌ ولا قوة.. ونسأل هل حقاً نحن أحياء؟ الإجابة نعم حتماً ولكن إن كنا بالفعل أحياء فما هى علامة وجودنا فى هذا العالم .ليس الطعام ولا الشراب ولا النوم ولا غيرها من تلك الصفات التى يتمتع بها البشر دليلاً على العيش ولا على أننا أحياءٌ نُرزق، فلكل إنسان أثر جيد يخبر الناس عن كونه موجوداً أو كان موجوداً يوماً.الله سخر لنا كل ما يساعدنا على العمل فيجب ألا نكون متخاذلين ومتكاسلين فالله سبحانه وتعالى سيسأل كلاً منا عن عمره فيما أفناه فكيف سيكون الجواب حينها! فهو لم يخلقنا عبثاً فنحن خلائف الله فى الأرض علينا تعميرها وترك آثارنا البناءة فيها فنحن مخلوقون لذاك الهدف..
وعندما نصبح ذو فعالية سندرك قيمة صناعة الحياة وكيف نستفيد من كل ما يقع تحت أيدينا والأيام هى صحائف الأعمال التى سنقابل ربنا بها، فعلينا تخليدها بأحسن الأحوال، ويجب علينا أن ننتهز كل فرصة تمر علينا فالفرص تمر مرَّ السحاب، ومن اتخذ من العجز مسلكاً سيظل يتعثر به
حيثما مضى وليس فى التسويف والكسل إلا الخسران.علينا ترك آثاراً طيبة وأن نسعد غيرنا بكل ما أوتينا من قوة وأن نورثهم شيئاً رائعاً يتذكرونه على مر السنين، وأن نرسم الأبتسامة على ثغورهم، وعلينا أن نخرج من تلك الحياة وقد أضفنا شيئاً لا يُنسى مهما مرت الأيام وتباعدت السنين، فتلك هى الحياة التى يجب أن نعيشها..ابدأ بعمل مهما كان بسيطاً فكل إنجاز سيولد لديك دافع أقوى وأكبر وأعظم وبذلك تكون قد تغلبت على ذاك الركود بداخلك ومزقت تلك الأربطة التى كانت تقيدك فكل عمل عظيم يبدأ بشئ بسيط لا يُذكر..
وكذلك فإن معظم هؤلاء العظماء الذين خلَّدوا ذكرهم فى تلك الحياة كانوا قد مروا بمراحل من التجارب وكانت النتيجة الفشل ولكن تلك العزيمة الكبيرة والشعور الداخلى بأنهم سيصلوا يوماً إلى غايتهم كانت تدفعهم دفعاً إلى القمة وبذلك أصبحت أسماءهم بارزة يتحاكى بها القاصى والدانى.. تسلق إلى القمة بكل ما أوتيت من قوة حاول أن تبذل قُصارى جُهدك للوصول إن كنت قد سقطت مرة فعليك أن تقوم مسرعاً وتنفض عنك غبار الأيام الذى تراكم عليك ولا تستسلم ولا تترك لليأس مكاناً بداخلك ليتسلل إليك،أغلق كل أبواب اليأس وأفتح أبواباً جديدة من الأمل وخلد ذكرك واترك لك أثراً لا يزول فى تلك الدنيا واجعل شمسك تضيئ عتمة الحياة ..