من عوامل الثبات في زمن الفتن: حفظ القرآن الكريم.
إن القلب المظلم بالمعاصي، والمشغول بالتكالب على شهوات الدنيا، يضيق بنور القرآن الكريم؛ لإيثاره الدنيا والمعاصي، حاجزٌ عن حفظ القرآن ومراجعته وتدبّر آياته، ووساوسُ الشيطان تصرفه عن ذكر الله .
فنحتاج في هذه الأيام أن نعود إلى الله عز وجل ؛
فما مِنَّا أحَد إلّا واختَلَف قلبُه، وتَغَيّرَت نَفسُه قليلًا، وذاقَ المعاناة، ومُرَّ الألم، أما شعرتم أنّنا نعيش في ظلال «اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ»؟ كلّنا على رغم والبُعد والتّقصير والخطأ كُلّنا «اهدِنا»! كأنّا تَجمَعُنا الشَّدائد، وتُقَرِّبُنا الثّغور، وتؤلّف بينَ قلوبنا الأيّام، فما مِن مُحاولٍ صادق، إلّا ويعيش هذه الأيام حالة مختلفة، تَقلِبُ المَوازين، وتُضاعِف الإيمان، وتَشُدّ أزر الرّوح، علّنا نصل مقام الاعتصام، «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا».
ما منّا أحد؛ إلّا وتاهَ يَومُه، واضطَرَب نومه، وتداخَلَت أوقاته، وتَعَلَّق بهاتفه، وأدمَن المتابعة، ثمّ سأل نفسه سؤال العجز "ماذا عَلَيّ أن أفعل"؟ سؤالاتنا واحدة، أفكارنا متشابهة، مشاعرنا متداخلة، يجمعنا الإيمان، والحرص، والغيرة، وحُرقة الصّدر، وعزّة النَّفس، مهما بدا لك غير ذلك، تُحَرّكنا الآيات وإن قَصَّرنا معها زمنًا، تُريحنا السَّجَدات وإن تَراخَت جباهنا دومًا، تجمعنا التّوبة بعد تقصير، وأنّا نحتاج إلى اللّه مع كلّ نَفَس، «فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ».
نحن جيل مُحاول، أغلقوا المساجد بوجهه، ضَيّقوا على أهل القرآن، غَيَّبوا القدوات عن الميدان، فتحوا السّجون أمام الصّادقين، ضَخّوا إعلامًا فاسدًا يقتل العقل والقلب والبدن، أدخلوا ما يسلبُ من الجيل هويّته، ضَيّعوا البوصلة أمام الكثير، جَرّموا الالتزام، شَوّهوا الملتزم، فَرّغوا الغايات، أضاعوا الأهداف، رسموا لوحةً حاولوا حذف الإسلام منها! ولكن.. «فَزَادَهُمْ إِيمَانًا».
بدأ الجيل يتحرّك، أخرَجَ اللّه نَبتًا طيّبًا، سَقى القرآن قلبه وتَنَفَّسَ آياته، وذاق لذّته، وسارَ خطوته، وشَدّ الله أزره، فتَحَرَّق، وتَحَرّك، وأعلى مِن سَقف المُمكن، أقام الدّين حياةً؛ فظَهَر الأثر ثباتًا، وها أنت ترى، ثبات طفلٍ يُطَمئن أُمّة، وخشوع شيخٍ يحمل هِمّة، ورسوخ شابٍّ كأنّه قِمّة، ونتاج المسجد صنع أُمّة، وهذا ليس وليد لحظة، إنّما وليد إعداد، غَرسٌ آن نَباتُه، وحانَ حَصاده، وأثمَر «فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْل».
ختامًا، « وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّة »، كلّ واحدٍ وله ثغره، ودوره، وحركته، كلّ واحدٍ يسأل ما الحمل الذي أحمله؟ ما الثّغر الذي ألزمه؟ ما الهَمّ الّذي يُحَرّكني، من استصغر الخطوة، فاتته الغاية، ومَن استعجل القطاف ما ارتوى، لن تنتصر حتى تغلب شُبهَتَك، وتدافع شَهوتك، وتقاوم رغبتك، حتى تصل دَعوتك، وتبلغ مرادك، .
{ يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكم ويُثَبِّتْ أقْدامَكُمْ }.
اللهم انصر إخواننا المستضعفين في غزة وسدد رميهم وثبتنا قلوبنا على طاعتك.