كثيرا ما يتردد هذان المصطلحان إلى مسامعنا، فهناك العديد من المؤلفات التي تتناول كلا منهما على حدة أو تتناولهما معا، كما أنه يوجد العديد من الكليات التي تحمل اسم { كلية الشريعة والأنظمة } أو تحمل مسمى { كلية الشريعة والقانون } في مختلف جامعات العالم الإسلامي، هذا بالإضافة إلى التشابه الكبير في عدد من النصوص المندرجة تحت هذين المصطلحين الكبيرين.
فهل هما مصطلحان مترادفان؟
أم أنهما متضادان؟
وهل هناك علاقة بينهما؟
وأيهما أعم من الآخر؟
وهل مصدر نصوصهما واحد أم أن نصوصهما تستقى من مصادر متعددة؟
قبل أن نجيب على هذه الأسئلة التي تدور في خلد كل مهتم وباحث، يجب علينا أن نحرر هذين المصطلحين ونعرفهما تعريفا وافيا كافيا لكي نتمكن من الخوض في تفاصيلهما.
فالشريعة في اللغة العربية مصدر "شرع" وتطلق على معنيين، أولهما "السبيل المستقيمة" ،وثانيها "الموقع الذي ترد إليه الإبل" ، وأما في الشرع فيطلق هذا المصطلح على "ما سنه الخالق المعبود للعباد من أحكام تنظم وتهذب حياتهم وتعود عليهم بالنفع" .
وأما الأنظمة فهي جمع "نظام"، ويقصد به "الترتيب والإتساق"، ويعرف اصطلاحا بأنه "مجموعة القواعد والمبادئ والتشريعات والأعراف وغير ذلك من الأمور التي تقوم عليها حياة الفرد وحياة المجتمع وحياة الدولة وبها تنظم أمورها".
بعد استعراض مفهوم هذين المصطلحين الواسعين وجب علينا أن نذكر المراجع التي نستقي منها نصوص كل منهما، فالإستدلال في الشريعة يكون من الأدلة الإجمالية وهي بالإتفاق { الكتاب والسنة والإجماع والقياس } بالإضافة إلى أدلة أخرى مختلف في الإستدلال بها، وأما في الأنظمة فإن الإستدلال بشكل عام غير منضبط، غير أن القانون عند المسلمين لا يعدو أن يكون منضبطا بالنصوص الشرعية، فمتى وافق النص القانوني النص الشرعي قبل منقادا للنص الشرعي، وأما إذا عارض نص قانوني نصا شرعيا رفض وتم رده، وهنا يتضح أن الشريعة أعم من الأنظمة، لأن نصوص الأنظمة ليست مقدسة كنصوص الشريعة، كما أنه تبين لنا ماهية العلاقة بين مصطلحي "الشريعة والأنظمة"، فهما ليسا مترادفان بالمعنى اللغوي للترادف، كما أنهما ليسا متضادان في عمومهما، فالشريعة الأصل، والقانون الفرع، ويجب أن تكون نصوص الأنظمة تحت الإطار الشرعي لشموله، وبذلك نكون قد أوضحنا أن الشريعة والأنظمة في ائتلاف مادامت نصوص الأنظمة منقادة لنصوص الشريعة المقدسة.