صباحٌ يليقُ بالقادمين إلى فضاءِ الملتقى، وقبل ذلك مساءٌ يليقُ بهم، كان المساءُ عابقًا يتضوعُ بكل شذى، جاءوا نحو جازان وفي فمِ كل واحد باقةُ شعر، تألَّقَ الشعر، اصطفَ كأزهار ماتعةٍ تتسوَّرُ حدائقَ فاتنة، ذهب المساءُ بأحلامه السعيدة، وجاء الصباحُ يستذكرُ أحلامَ المساءِ ويراجعها، يقول لنفسه : هل حقًّا كل هؤلاء الشعراء جاءوا ليعطروا المساء، قدِموا ليكونوا نجومًا تجذبُ عيونَ الساهرين وأنفاسَ المتعبين ، يشعرُ الصباحُ بالغيرةِ من التغريد الذي أحيا أغنياتِ المساء، لاتزالُ في مسامعه كلُّ أغنياتِ الملتقى؛ أشعاره وأوتاره، يتألقُ الصباحُ من أولِ الصباح، ينتظرُ مساءً جديدًا ثانيًا وكأنه نسيَ الغيرةَ أو تناساها، يريد للمساءِ التالي أن يكون مثلَ أوله، ينتظرُ الأفواهَ المغردةَ لتحيي ليلًا جديدًا، وليكون المساءُ مختلفًا عن سابقه حُسنًا وجمالًا، هكذا هم حملةُ لواءُ الشعر، يُزهرون، يُحلّقون، يسهرون ويسمرون، يقولون شيئًا مختلفًا فيَسعدون ويُسعدون، جاءوا إلى جازان ثلاثين نجمًا من أفلاك نادرة وفريدة لتكون أرضُ الشعرِ وموطنه فضاءً غيرَ مسبوقٍ تطوفُ فيه القصائدُ أشبهَ بعصافير ملونة لم ترفرفْ عصافيرُ مثلها بأجنحةٍ فاتنة.
طبتم ياشعراء ملتقى الشعرِ الخامسُ في جازان، سعادتنا في منتهاها ولا ندري بعد أن تتركوا شذى باقاتِ شعركم بيننا كيف سنصبر على بياضِ تلويحكم وأنتم تغادرون المكانَ وعلى أنفاسنا يتضوعُ ريحكم.