يقول حكيم بن حزام رضي الله عنه:« ما أصبحت وليس على بابي صاحب حاجة، إلا علمت أنها من المصائب»
إن المعروف ذخيرة الأبد، والسعي في شؤون الناس زكاة أهل المروءات، فهناك أناس أعطاهم الله قلوبا كأفئدة الطير، يبدأون غيرهم بالسلام، ويوسعون لهم في المجالس، ويعيشون بجوارهم في سلام، ويصلحون بين الناس بما أعطاهم الله من صفاء القلب وحكمة وروية وبُعد نظر يقول ابن عباس رضي الله عنهما:«ثلاثة لا أكافئهم: رجل بدأني بالسلام، ورجل وسع لي في المجلس، ورجل اغبرت قدماه في المشي إلي؛ إرادة التسليم عليّ، فأما الرابع فلا يكافئه عني إلا الله، قيل: ومن هو؟ قال: رجل نزل به أمر فبات ليلته يفكر بمن ينزله، ثم رآني أهلا لحاجته، فأنزلها بي».
ويقول النبي صلوات ربي وسلامه عليه: «من صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه، فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه».
فالفقر هو فقر عمل الصالحات وفقر أعمال الخير، والغنى هو غنى في أعمال الخير، ولقد حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على الوقوف بجانب الآخرين وجبر قلوبهم، فقال:« من نفّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا، نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر على مسلم، ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه». رواه مسلم.
ومن أفضل القربات إلى الله الصلح بين الجماعات المتنازعة:
إذا كان الإصلاح بين الأفراد أجره عظيم، وخطره جسيم، وشأنه مهم، فإن الإصلاح بين الجماعات المتنازعة، والمتخاصمة من أفضل القربات، أعظم وأعظم؛ لأن مصلحته أشمل وأعم ولا يُوفق لها إلا حكيم ذو خبرة.
وأخبر ﷺ أن أناساً من المسلمين اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة، فقال: اذهبوا بنا نصلح بينهم. رواه البخاري. هكذا قال لأصحابه: قوموا لنصلح بينهم، لهذا الباب العظيم من أبواب الأجر، ولسد الطريق على أهل العداوة للمسلمين، ومن القصص المعروفة في هذا الشأن: قصة الحسن بن علي، فقد قال فيه النبي ﷺ: ابني هذا سيد قال عن الحسن: ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين، فأصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين، وتنازل عن الخلافة لسيدنا معاوية حتى تجتمع كلمة المسلمين، وحتى تضع الحرب أوزارها، ويتوقف إراقة الدماء.
وكل هذا من المعروف الذي يعد ذخيرة الأبد.