مايزال التغافل عن الزلات من أرقى شيم الكرام، فإن الناس مجبولون على الزلات والأخطاء فإن اهتم المرء بكل زلة وخطيئة تعب وأتعب غيره، والعاقل لا يدقق في كل صغيرة وكبيرة مع أهله وأحبابه وأصحابه وجيرانه.فتسعة أعشار حسن الخلق في التغافل. نحن بشر، وبما أننا بشر فنحن معرضون للوقوع بالأخطاء، سواء في الماضي أو في الحاضر أو في المستقبل فالخطأ هو خطأ في كل حالاته، وعندما تقول بأنك لا تخطئ فأنت من كوكب آخر غير كوكب الأرض، وإن كنت من كوكبنا فأبشّرك أنك ستخطئ كثيراً .كما أن البعض يركزون على الأخطاء بدلاً من النجاحات، وهذا الأمر لا يعززالمواقف لو أجتهدت مثلاً في مئة قرار وأخطأت في عشرة فأنت في عين المجتمع مخطئ هذا هو الواقع مع الأسف، فلا تكن بهذه الصورة بل اتجه إلى الاتجاه الآخر، اتجاه تعزيز الاجتهاد، وتغافل عن الزلات، لأن الناس غير معصومين وسيقعون بالأخطاء بشكل كبير، أما إن ركزت على أخطائهم فأنت المتأذي بالدرجة الأولى، وأنت من يحمل الهم، سامح واصفح لتكن أنت الرابح ..
لذا ما يزال التغافل عن الزلات من أرقى شيم الكرام، بالنسبه للفرق بين القبول بالخطأ وتقبُّل الخطأ هذا لا يعني أن تقر بالأخطاء أو أن تقبلها، بل نحن نقول لك بأن تتقبلها فالفرق كبير بينهما، فالقبول يعني أنك تقبل بتكرار هذه الأخطاء وتقبل بالتعدي على الحقوق والواجبات، أما تقبلك للأخطاء فهذا يعني أنك تعرف مسبقاً بأن الآخرين غير معصومين وتلتمس لهم ألف عذر وعذر، وإنك لا تسمح بتكرار الخطأ، أو تسمح بالتفريط في حقوقك.فمن الضرورة التسامح اتجاه أخطاء الآخرين فالمتسامح هو الأقوى والأعز، في الدنيا والآخرة، لأن التسامح يحتاج لقوة نفس ليس بالأمر السهل، والتسامح هو سلامة القلب والعقل، ومن يظن أن المتسامح ضعيف فقد ابتعد عن الصواب، لأن المتسامح هو الأقوى والأعز ..
لذلك من من يعتقد بأن المتسامح هو أن الشخص يفرط بحقوقه فقد ابتعد عن الصواب،لا بد أن أسامح وألتمس ألف عذر وعذر، وهذا لايعني انني أفرط بحقوقي فالمتسامح له عزّ مطلق عند الله وعند خلقه وعند البشر وفي الآخرة فتقبل أخطاء الآخرين يزيح تلال وجبال من على أكتافك ويريحك من الأحقاد والضغائن ويزيح الهم وأمراض القلوب عنك، ويجعلك تدخل إلى مواصفات النفس المطمئنة التي تعيش من خلالها حياة طيبة. فلا يوجد أحد فعل الإحسان وتنازل عن حقوقه إلا النبي محمد صلى الله عليه وسلم( عندما قال لأهل مكة اذهبوا فأنتم الطلقاء،) فتقبلك لأخطاء الآخرين ومسامحتهم تحفر لك أساساً متيناً في علاقاتك الاجتماعية، وتجعلك شخصاً محبوباً ومقبولاً، فاصفح عن زلات الآخرين وتقبل نقصهم وأخطاءهم لأنهم بشر..