الأنماط المختلفة من الشّخصيّات تشكّل معا لوحتنا البشريّة، وإذ يليق ببعض النّاس صمتُهم وهدوؤهم، فلا يليق بآخرين إلا الكلامُ والحركة، لذا حين نقرّر أن نتبادل الأدوار نبدو كمن يرتدي ملابس فضفاضة لا يناسبه مقاسُها. و من زاوية أخرى، سنجد أنّ العبوس من الأشخاص له تأثيرا مضاعفا، على المبتهجين مثل الأبتسامةَ حين تكون سبب لأبتسامة الآخرين الدّائمة.والصمتُ عند بعض النّاس، متعب تحيط بهم هالةٌ رهيبة من السّكون، تكاد تلمسها من شدّة وضوحها، وكأنّ ما يصمت فيهم ليس الفم وحده، بل وحتّى الجسد.وكأنّهم خلقوا ليشكّلوا معها ثنائيّا. هؤلاء الأشخاص غالبًا ما يكونون قليلي التبسّم، ولكن ليس بقصد العبوس.لأن ملامحهم تخلو من التّعبير كصفحة بيضاء تستثير مخيّلتك لتملأهابما تراه أنت وفي المرّات القليلة التي يضحكون بها ستشعر أنّ الشّمس أشرقت ..
لذا هذا النّمطُ من الشّخصيّات تجده طموحًا، لكن لايمتلك أيّة مقوّمات تؤهّله لتنفيذ طّموحه فالانسان بحاجة للتّواصل، والكلامَ فعندما يجتمع شخصان أو أكثر ثمّ يجثم عليهم صمتٌ كثيفٌ لا يمكن قطعُه بسكّين، إذا بادر بقطعه بالفعل. وابحث عن الضّحك والابتسامه لتجد مساحه للتّعبيرعن الرّضاوالاستحسانِ لشيء ما،كن شخص دائبَ الحركة والكلام، ليس من باب ضعف الثّقة أو عدم تقبّلك لنفسك، بقدر ما هو سعيٌ نحو الأفضل، فإذا كنت من هولاء خصص ساعاتٍ معيّنة خلال النّهار بهدف التدرّب على تقين الكلام وتشذيب الحركة وتقمّص الهدوء، علّه يصبح عادة في نهاية المطاف. وأبعد عن التعليقات السلبيّةٍ والتساؤلات حول ما إن كنتُ بخير، أو تعاني من مشكلةٍ ما، او تبدو متعب ومكتئب وحتى لا تعود إلى ما كنت عليه في السابق ..
كذلك أستمرّ في الإلحاح مهما أتعبك هذا الأمر من كمّ التبريرات المرهِقة، فالصمت قاتل أحيانا ومن الصعْب فعلا أن تتغيّر في مجتمعنا، ليس صعبًا وحسب، بل يكاد يكون مُستحيلا! نحن نعيش في بيئةٍ متشابكة، حيث يتدخّل الجميع في شؤونك، صغيرها وكبيرها.فقد تكون لدواعٍ طيّبة، أصلُها الحبّ. ولكن من الحبّ ما خنق! ليس جديدا أيضا إن قلت أنّ مزاجك النفسيّ بات يُقاس من اقتباساتك، و من فتراتِ ظهورك على مواقع التّواصل، رغم أنّ سبب غيابك قد يكون بسيطا جدا ولا يمتّ لمزاجك بصلة، كأن تكون مشغولًا باستمرار فهذا مؤشرًا خطيرًا ممكن يوصلك للعزلة والاكتئاب. فالأنماط مختلفة من الشّخصيّات التي تشكّل لوحتنا البشريّة،ومثل ما ذكرنا وإذ يليق ببعض النّاس صمتُهم وهدوؤهم، فلا ويليق بآخرين إلا الكلامُ والحركة. وتأمّل مدى صعوبة أن تغيّر نفسك عندها سوف تتفهّم فُرص نجاحك في تغيير الآخرين ..