الجفاف العاطفي من المشكلات النفسية والاجتماعية المتفاقمة في المجتمعات العربية، ويمكن تعريفه بأنه نقص حاد في العلاقات الاجتماعية والإنسانية بين الأفراد يعاني منها أفراد المجتمع لا سيما فئة الأطفال والمراهقين.كما أن الإنسان جسد وروح، فالجسد يجوع ويعطش ويحتاج لغذاء كذلك الرُّوح تجوع وتعطش وتحتاج لغذاء. اهمها الغذاء الرُّوحي وهو الحب والعاطفة والاحتواء الذي يحصل عليه الإنسان من أسرته ومن محيطه، فهو بحاجة لشّعوره بأن أمره يهم المحيطين به، ويُشعره أنَّه ليس وحيداً، ويحتاج إلى من يُشاركه همومه ويُشعره بالأمان، والتقدير والمدح والتَّحاور معه وأخذ رأيه.فعندما لا يُشبع الإنسان احتياجه العاطفي من الأسرة ومحيطه، يدخل في حالة من الفراغ أو الحرمان أو الجفاف العاطفيِّ،وهي من المشكلات النَّفسيَّة والاجتماعية المتفاقمة خاصَّة في مجتمعاتنا العربية فالفراغ العاطفي حالة تصيب الإنسان ذكراً وأنثى في كل مراحل حياته وخاصَّة في مرحلة المراهقة حيث يكون أكثر حساسية يشعر فيها بالغربة وسط الأهل، والأصدقاء، والزملاء والمعارف وتنتابه مشاعر من الوحدة والفراغ وفقدان الرَّغبة بالحياة، والحساسية المفرطه تجاه أمور لا تستحق ذلك، ويفقد ثقته بنفسه، لأنه يشعر أنه شخص غير مهم لمن حوله ..
لذا تعد حالة الفراغ أو الجفاف العاطفيِّ خطيرة إذا تفاقمت ولم يتم حلها لأنها قد تُودي بفتياتنا وفتياننا للضَّياع، وتدفعهم لسلوكيات خاطئة مثل الإدمان أو البحث عن العاطفة خارج البيت ومُرافقة رفاق سوء، أو الدّخول في علاقات غير سويّة مع أشخاص قد يستغلُّون هذا الاحتياج لديهم، فيقعون ضحيةً لكلامهم المعسول ومشاعرهم الزائفة، وتكون العواقب وخيمة لما يُلحق بهم من الأذى النفسي. بسبب الفراغ وترك فجوة عاطفيّة بين الأهل والأبناء فالإنسان عندما يكون مُشبعاً عاطفيَّاً من أسرته يُصبح في مأمن إلى حدّ ما من الفراغ العاطفيّ، والمشكلة هنا في مجتمعاتنا العربيَّة وتربيتنا لم نتعود على إظهار مشاعر الحبِّ والحنان للأبناء فالتربية ليست توفير متطلَّبات الحياة من مأكل وملبس ومصاريف فقط، بل هي أعمق من ذلك بكثير، فهي توفير الإشباع العاطفيِّ للأبناء.قد يكون الأهل مشغولين بمتطلَّبات الحياة الماديَّة، ويبتعدون عن أبنائهم ويُهملون الجانب النَّفسيَّ لهم، ولا يعرفون ما يجري معهم ولا ما يعيشون أو يُعانون في تجاربهم الحياتية فتتحوَّل العلاقة بينهم لعلاقة واجب، أي علاقة قاسية قائمة على الأوامر والطَّاعة بدون وجود جسور للتواصل الرّوحي كما أن كون الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي، والعلاقات الإنسانية لها تأثير مهم عليه، فعندما يشعر أنَّه ليس لديه أصدقاء حقيقيين، يبدأ بالشُّعور بالوحدة والفراغ العاطفي.كذلك علاقة الحب أمر مهم ومؤثِّر على الصّحة النفسية على كلٍّ من الفتاة اوالشاب خاصّة في سن النضوج فيحتاجون لوجود من يقف بجانبهم الاب الام ليتجاوزوا مايتعرَّض لهم من الصَّدمات والخذلان وحتى لا يشعرون بالفراغ العاطفي والوحدة وتكون ثقتهم بأنفسهم مهزوزة، فيبدئون باستمداد قيمتهم من الآخرين ولكي لا يعيشون في دوَّامة الفراغ العاطفي ..
فقد تُشكّل العادات والتَّقاليد في بعض مجتمعاتنا عائقاً في حياتناإذ تمنعنا من النموِّ النفسيِّ السَّليم، مثل منع الفتاة من التَّعلُّم أو العمل، أو تُجبرها على الزَّواج وتجاهل رأيها ومشاعرها، وهذه من السّلوكيات الَّتي تجعلها نعاني من الغربة وسط مجتمعها وتشعرنا بالفراغ العاطفي وقد تكون مواقع التَّواصل الاجتماعي سبباً للفراغ العاطفيِّ؛ إذ يعيش الإنسان المدمن عليها في عزلة عمن حوله، فيشعر بالفراغ العاطفيّ ويهرب إلى العالم الافتراضيِّ ليروي ظمأه العاطفيِّ وفقدان الإنسان لشخص عزيز قد يُدخله في حالة من الفراغ العاطفي، خاصَّة إذا كان لهذا الشَّخص تأثيراً قويَّاً في حياته؛ فيرى نفسه أنَّه أصبح وحيداً من دونه، ولا يُعوِّضه أحد عن فقدانه.وفي بعض الأحيان، تشعر أنه لا شيء يملأ فراغك، وتفقد كل المشاعر، ويغمرك الإحباط.كماإنّ الإنسان كائن اجتماعي، وهو في حاجة إلى الاتصال بالآخرين، فعدم التعبير والإفصاح عن المشاعر.والابتعاد عن الآخرين، وعدم تقبلهم والشعور بوجود قيود تمنعك من القيام بأي عمل قد يكون سببه علاقة غير مُرضية مع أسرته، أو شريك حياته، أو أصدقائه لذاحاول إصلاح هذه العلاقة والتكلُّم مع الطّرف الآخر عن حقيقة شعورك وما يتعانيه وما تحتاجه في هذه العلاقة، الَّتي تسدُّ احتياجاتك العاطفيَّة.لذا لابد أن نلجأ الى الاستشارة النفسيةونستشير مختصًا نفسيًا يساعدك في فهم مشاعر الشخص ومعالجة الخوف والقلق. يمكن أن يوفر لك الدعم اللازم لتجاوز هذه المرحلة..