مشكلة فرط الحركة وتشتت الانتباه السلوكية لدى الأطفال من المشكلات المهمة جدا التعرف عليها حيث يطول فيها الحديث ونوجزها في هذه الأسطر، حيث عُرِّف النشاط الحركي الزائد Hypenactivity بتعريفات عديدة ملخصها أنه حركة جسدية زائدة أكثر من الحد المقبول ويطلق عليه أحياناً فرط الحركة أواضطراب نقص الانتباه ( ADD) وهو أحد أمراض السلوك في الأطفال ويظهر في الأولاد أكثر من البنات وكثيراً ما يظهر في الطفل الأول.
أعراضه :
تتمثل أعراض هذا الاضطراب في كثرة الحركة وعدم الاستقرار في مكان واحد لأكثر من دقائق، وكثرة التململ حتى أثناء الجلوس، والجري هنا وهناك والتعلق بالأشياء، وربما تسلق بعض الأشياء الخطرة ، وعدم التركيز على ما يقال أو استكمال الشيء حتى نهايته، والشرود وكثرة النسيان، وكثرة الكلام، وعدم القدرة على الالتزام بالنظام، والتحول من نشاط إلى آخر بسرعة وعدم الاستماع لما يقال، ومقاطعة المتكلم والإجابة دون تفكير، وغيرها من أمور تؤكد للمتابع والملاحظ أن ما يعاني منه هذا الطفل مزيج من الفوضى والنشاط الحركي الزائد عن الحد، وربما عدم الانتباه، ويعتقد البعض أن ما يسمى بالنشاط لحركي الزائد هو مرض مستقل قائم بذاته، وهذا اعتقاد خاطئ فالنشاط الحركي الزائد يعتبر عرض لكثير من الاضطرابات المختلفة أو بعضها، فقد يكون الطفل زائد النشاط بسبب تلف مخي أو اضطراب انفعالي أو ضعف عقلي أو خلل سمعي، كما أن للوراثة أحياناً دور في ذلك .
حيث يستطيع الوالدان ببساطة تحديد درجة وكمية النشاط الذي يصدر من أطفالهم، وهل هو نشاط قصير أم طويل ومتواصل ؟! وهل يختلف نشاطهم عن نشاط أقرانهم من نفس الجنس والعمر؟! وعندما يشك الوالدان في معرفة ما إذا كان نشاط أبناءهم طبيعي أم لا، فإن عليهم زيارة المدرسة أو مكان التسلية والترويح الذي يلعب فيه الأطفال من نفس العمر أو أن يكلفو صديقاً لهم بملاحظة أبناءهم، وأن يقدم لهم معلومات هادفة آخذاًُ بعين الاعتبار مستويات النشاط المقارنة؛ لأن ذلك سوف يلقي مزيداً من الضوء على حالات النشاط الزائد عند أبناءهم خاصة وأنه من الأهمية بمكان أننا لا نجزم بوجود النشاط الحركي الزائد عند الطفل؛ إلا إذا تكررت منه أعراضه في أكثر من مكان، في البيت والمدرسة أو الشارع وعند الأصدقاء، عندها فقط نتيقن أن ما يعاني منه هذا الطفل هو " فرط النشاط " حيث يكون الطفل كما أسلفت من أعراض، ولكي نكون أكثر دقة في الملاحظة ومن ثم التشخيص لهذه المشكلة فإننا نستخدم هذا المعيار الواضح في ذلك وعلى هذا النحو فإن عدم الانتباه يجب أن تتواجد ستة من الأعراض التالية على الأقل:-
1- كثيراً ما يُظهر عدم الانتباه للتفاصيل أو كثرة الأخطاء في الواجبات المدرسية أو العمل أو غير ذلك من النشاطات .
2- كثيراً ما يحدث له صعوبات في المحافظة على الانتباه لمدة كافية في اللعب أو المهارات المدرسية المتنوعة .
3- كثيراً ما يبدو غير مصغ عند الحديث إليه .
4- كثيراً ما يحدث عدم اتباعه للتعليمات المطلوبة ويفشل في إنهاء واجباته على الشكل المطلوب .
5- كثيراً ما لديه صعوبات في تنظيم المهمات المطلوبة منه والنشاطات .
6- كثيراً ما يتجنب ويكره ويرفض الأعمال التي تتطلب تركيزاً طويلاً مثل الأعمال المدرسية والواجبات .
7- كثيراً ما ينسى الأشياء الضرورية لإنهاء مهمات معينة أو نشاطات مثل الدمى - الكتب - الأقلام .
8- كثيراً ما يتشتت انتباهه بسهولة في حال وجود مثيرات أخرى أثناء قيامه بمهمة معينة .
9- كثير النسيان في نشاطاته اليومية .
أما فرط النشاط فيكون كالتالي:
1- كثيراً ما يحرك يديه أو رجليه أو يتحرك في كرسيه ويتململ .
2- كثيراً ما يترك مقعده في الصف أو في أماكن أخرى حيث يتوقع منه بقاؤه في مكانه .
3- كثيراً ما يركض ويتسلق ويتحرك في المكان الذي يوجد فيه وبشكل غير مناسب في حالات المراهقين الكبار يكون ذلك مقتصراً على الشعور بالتململ.
4- كثيراً ما لديه صعوبات في أن يلعب أو أن يقوم بنشاط ترفيهي بشكل هادئ .
5- كثيراً ما يكون جاهزاً للانطلاق وكأن بداخله محرك يحركه باستمرار .
6- يتكلم كثيراً في أغلب الأحيان.
أيضاً الاندفاعية حيث يجب أن تتواجد ثلاثة من الأعراض التالية على الأقل :
1- التصرف قبل التفكير .
2- الانتقال السريع من نشاط إلى آخر .
3- صعوبة تنظيم العمل ويعود هذا إلى الخلل المعرفي
4- يكون بحاجة إلى إشراف مستمر .
5- غالبا ًما يصرخ في الصف .
6- صعوبة العودة إلى اللعب وموافقة الجماعة .
ومن المهم ملاحظة أن هذه الأعراض يجب أن تكون قد ظهرت قبل سن السابعة وإنها مستمرة لفترة لا تقل عن ثلاثة أشهروكثيراً ما تُلاحظ في المدرسة أكثر من البيت .
أنواعه فرط الحركة وتشتت الانتباه :
اضطراب نقص الانتباه أو النشاط الحركي الزائد متعدد الأبعاد والمظاهر، حيث افترضت عدة دراسات متخصصة وجود نوعين الأول هو نمط اضطراب الانتباه المرافق بالعدوان ( ضعيف الانتباه العدواني )، والذي يعاني فيه الطفل من الصعوبات الشخصية والاجتماعية التفاعلية، أما الثاني فهو نمط اضطراب الانتباه بدون عدوان ( ضعف الانتباه غير العدواني ) ويعاني فيه الطفل من صعوبات دراسية وتحصيلية.
أما أهم الأسباب لذلك فهي :
البنية التكوينية حيث وجد أن بعض الأطفال يبدون نشاطاً منذ الولادة وذلك لأن للعوامل الجينية الوراثية دور في ذلك، وقد يكون النشاط الحركي الزائد مرافقاً للصرع أو التوحد، أيضاً اضطرابات الدماغ والغدد الصماء، وكذلك الأورام قد تسبب نشاطاً زائداً ويجب هنا أن يكون الفحص دقيقاً والمعالجة ناجحة وفعالة، وأيضاً الضرب على الرأس وحالات التسمم قد تكون سبباً في النشاط الزائد، كما أن البيئة عامل آخر في زيادة أو نقصان النشاط الزائد، كذلك استجابات الراشدين تزيد أو تنقص من النشاط الزائد وقد تشجع النشاط الهادف، وأيضاً التغذية والحساسية أحد أسباب النشاط الزائد لأن علماء الحساسية يرون بأن مواد محددة قد تسبب رد فعل نشاط زائد عند الأطفال، ومعظم الآباء يجدون صعوبة في منع أطفالهم من تناول الأطعمة المسببة لهذه الحساسية مثل الأيسكريم والكيك والبيتافور والمعجنات والفواكه أو الخضار المصنعة.
طرق العلاج :
إن علاج اضطراب نقص الانتباه والنشاط الزائد يشبه علاج الاضطرابات النفسية الأخرى .والتركيز يكون غالباً على الأعراض المرافقة له
ويتضمن عدداً من المحاور وهي العلاج الدوائي والعلاج النفسي والاجتماعية " السلوكي والتربوي "
أولاً : العلاج الدوائي :
لقد بينت عدة دراسات أن الأطفال ذوي النشاط الزائد يستجيبون جيداً للأدوية المنبهة وأن أكثر أشكال السلوك التي تحسنت بهذه الأدوية هي قدرة الطفل على تحسين انتباهه وتركيزه ولكن بسبب بعض الآثار الجانبية التي تحدثها مثل هذه الأدوية مثل انخفاض الشهية واضطراب النوم والصداع والآم المعدة والدوخة، فإن بعض المعالجين يركزون على ما أسموه " عطلة " أو راحة الدواء أي إعطائها للطفل خلال فترة العطلة الدراسية وعلى أي حال فإن هذه الأعراض الجانبية يسيرة ولا تستحق الاهتمام، ولكن العلاج الدوائي يلجأ إليه غالباً عندما لا تنجح الطرق العلاجية النفسية والاجتماعية الأخرى أو في الحالات المستعصية .
ثانيا : العلاج النفسي والاجتماعي :
يتضمن العلاج السلوكي تدريب الطفل على زيادة التركيز والتخفيف من فرط النشاط وتعديل السلوك المزعج وتستعمل في ذلك مختلف الأساليب السلوكية ومنها التدعيم الإيجابي وجدولة المهام والأعمال والواجبات المطلوبة والاهتمام بالإنجاز على مراحل مجزأة مع التدعيم والمكافأة والتدريب المتكرر على القيام بنشاطات تزيد من التركيز والمثابرة مثل تجميع الصور وتصنيف الأشياء والكتابة المتكررة وغيرها .
تأثير المشكلة فرط الحركة وتشتت الانتباه السلوكية لدى الأطفال على الأسرة
قد يعاني الأهل من الضغط النفسي ومن القلق والتوتر نتيجة تصرفات أطفالهم، مما قد يؤثر على صحتهم النفسية، وقد تتدهور العلاقات الأسرية يمكن أن تؤدي المشكلات السلوكية إلى صراعات بين الأبوين، مما يؤثر سلباً على العلاقات الأسرية، وأيضاً الأعباء المالية فقد تحتاج الأسرة إلى استثمار أموال في العلاج أو الاستشارات النفسية، مما يضيف عبئًا ماليًا، وقد تتأثر علاقات الأسرة اجتماعيا فقد يشعر الأهل بالحرج من تصرفات أطفالهم، مما يؤدي إلى العزلة الاجتماعية، أيضا تأثيرها على الأخوة يمكن أن تؤثر المشكلات السلوكية لطفل واحد على بقية الأخوة، مما يؤدي إلى مشاعر الإهمال أو الغيرة.
6. تأثيرات على التعليم فقد تؤثر المشكلات السلوكية على أداء الطفل الدراسي، مما يزيد من قلق الأهل بشأن مستقبل طفلهم.
ويمكن التعامل مع مشكلة فرط الحركة وتشتت الانتباه السلوكية من خلال مايلي:
بالتواصل الفعّال فعلى الأهل التحدث مع أطفالهم لفهم مشاعرهم، وأيضا الاستشارة فقد يكون من المفيد طلب المساعدة من المتخصصين في العلاج النفسي والاجتماعي، أيضا التحلي بالصبر فمن المهم أن يتحلى الأهل بالصبر أثناء معالجة هذه المشكلات، حيث تتطلب المشكلات السلوكية تضافر جهود الأسرة والمجتمع لضمان بيئة صحية وداعمة للأطفال.
ختاما:
بعض المقترحات السريعة للتعامل مع الطفل الذي يعاني من فرط النشاط ونقص الانتباه :
يفضل أن نعطي الطفل في الفترات الدراسة أثناء المذاكرة وحل الواجبات عشرون دقيقة ثم راحة ثم نزيد المدة تدريجياً، أيضاً الهدوء العام أثناء المذاكرة دون نقاش أو مقاطعة، وتذكير الطفل بالعودة إلى عمله الذي يقوم به في المدرسة أو البيت، والتأكيد على المراقبة العامة للطفل باستمرار وجعله في المقاعد الأمامية في الفصل لتسهل ذلك، أيضاً تقسيم المهارات المطلوبة والواجبات إلى وحدات صغيرة ومتابعة إنجازها تبعاً لذلك، أيضاً تنظيم العمل المطلوب والتخطيط له وتحديد مراحله، واللعب مع شخص واحد أو أثنين وليس ضمن مجموعة، والتأكيد على الألعاب الهادئة عموما ً، وتدعيم أي سلوك إيجابي آخر ما عدا السلوك المضطرب، وأيضاً تدعيم أي سلوك بديل أو مناقض لنقص الانتباه وزيادة النشاط ، وأخيرا اعتراض السلوك المضطرب وتوقيفه والتوجيه لسلوك آخر بديل إيجابي.