أشفق على حال بعض المتذاكين وأنا أسمي واحدهم ( الفهيم ) وهم الذين لا يكتفون بقراءة ما على السطر لكنهم يقرأون السطر وما وراء السطر ومابينهما يتنبأون بما لم تكتبه ولا حتى خالج فكرك ..
تتفاجأ بمن يقول لك أنت تقصد كذا وتعني كذا .. لا ياعزيزي لا أقصد إلا ماكتبته أو ماقلته أما مافهمته أنت فهو ماوافق هواك ليس إلاّ ..
هناك نوعية من الناس تجد خلف كل كلمة مقصد خفي ووراء كل ابتسامة مأرب خبيث ..
في فترة من حياتي حين كنت أواجه هذه النوعية من الناس كنت أنتقي جداً كلماتي وأقنن حديثي خوفاً من تفاسير غريبة واتهامات أنا في غنى عنها ، لكني اكتشفت أن من يعاني هذه العقدة لا يمكن أبداً التخلص من سوء نيته سواء تكلمت أم التزمت الصمت فبعضهم حتى لغة الجسد يغوصون فيها ..فقررت أن لا أغير ذاتي بحضورهم أو بغيابهم وليظن من يظن وليفهم من يفهم ..
يعيش مقلب حياته (أنا الفهيم ) يربط بين أمور بعيدة وبين كلمات عابرة ويستذكر مواقف قديمة ويغوص في قصده وماقصده يفكك ويحلل ويربط ليبرر ويخرج بالأخير بما يرضي شكه ..
حتى في أبسط الأمور الظاهرة وهي السلام والترحاب يجدون فيه كبيرة من الكبائر فإن رأى أحدهم يسلم بحفاوة وترحاب أتهموه بأنه منافق وأنه لا يظهر لك ما يخفيه في صدره ، وأحيانا كثيرة يحدث تصرف من شخص ما وحين تبدي أعجابك به ينبري لك (الفهيم ) والله أنت على نياتك وصدقته كله تمثيل..
كأن الناس التي تقبل الأمور كما هي هم السذج
يا أخي وما علي بما في قلبه أنا لا افتش القلوب ولا يهمني مافيها يكفيني منه السلام والاحترام ، أرى هذه الفئةً دائماً مساكين يسيطر عليهم سوء الظن والنيات الخفية .. والمصيبة أن حقدهم وكرههم يزيدهم عطشاً فيتمنون الكل يكره من يكرهون ويظن مايظنون ..
إذا جائك أحدهم واعتذر لك اقبل عذره بما هو عليه ، لا تنبش النوايا ، يكفيك أنه اشترى خاطرك واعتذر لك ، حتى المنافقون حين خذلوا الرسول الكريم في غزوة (تبوك) وهو الموحى إليه سكت عنهم وقبل عذرهم والحساب عند رب العباد، لم يكذبهم ولم يكشف لهم ما تكنه صدورهم ونياتهم..
يقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه (عاملوا الناس بما يظهرونه لكم والله يتولى صدورهم ) لكنك تجد من بعض الناس من يتولى الصدور أسوأ تولي ويضع نياتهم بميزان سوء نيته ، لي من الناس سلامهم ومحبتهم ومايظهرونه لي وغيره لست فقط لا أعلمه ولكني فعلاً لا أهتم به .