في زمن لم يكن لإفراد الأسرة من فراغ يقضونه في غير محله فالأب يعمل والأم شريكته في العمل والأولاد كذلك ،يشاركون في رعي الأغنام أو في حرث الارض مع أبائهم وتنظيف الارض الزراعية ، لذا نجد الطفل منذ بلوغه سن السابعة تجده يشارك في الأعمال البسيطة واذا بلغ سن ألثامنة يجلب الماء لأهله من الوادي وذا بلغ العاشرة يسرح بالضأن والغنم واذا بلغ سن الرابعة عشرة يعتمد عليه والده في الأمور المهمة كمساعدته في الحرث على الثيران والذهاب الى السوق بدلا عنه ليعطيه الثقة في نفسه وليتحمل بعض من مسؤليات البيت .
اليوم ننتقل بكم في جولة في سوق أم الخشب ( بيش حاليا ) الأسبوعي قبل خمسون عاما وكيف كان حال الناس ونشاطهم في هذ اليوم . هذا السوق الذي يقصده المتسوقون ممن هم في بيش وقراها ومن عدة جهات ويكاد لا يخلو بيت دون الذهاب الى هذا ألسوق لبيع منتجاتهم ألزراعية وبعض الحرف أليدوية وكذلك ليشتروا كل مايلزمهم من احتياجات ولوازم ألبيت طوال الأسبوع ، حيث تنشغل الأسرة بأمور ألحياة خلال الأسبوع من رعي الماشية وحرث الارض وصنع لبعض ألحرف التي هي مصدر رزقهم يبعونها في هذا اليوم ، عن هذا يحدثنا الشاب على احمد عن مشاهداته باللهجة ألعامية يقول كنت أنا وأبي نتجاذب أطراف الحديث ، في قَبَل العِشّه بعد صلاة المغرب قال ياعلي بكرة أبغاك تبره بالكبش ألأرقم تبيعه وتلفلف لنا من السوق إدام وبعض حوائج البيت قلت له أبشر بس المدرسة كيف ؟قال أسْره عند عمك عيسى ترخص منه وقول له أبويه يسلم عليك ويقلك رخص لي أشى أبره بكره ألسوق معانا جلب ، أشل نفسي وأسري أجي على عمي عيسى على طرف الطراحة معاه كوز يتوضى منه يبغ يروح يصلي العشاء . قلت له أمسيت ياعم عيسى قال اهلًا كيفكم وكيف أبوك قلت كلنا بخير ، قلت له أبويه يسلم عليك ويقلك رخص لي بكرة معانا جَلْب أبغ أسوق ألسبت ، قلى طيب خلاص سوق ولا تتأخر يوم الأحد قلت له طيب ، أرجع البيت اقل لأبويه خلاص عمي عيسى رخصلي ،قال تمام ، هيا نُروح نصلي عشا قلت طيب ، بعد مصلينا روحنا وجلسنا بسطة في القبل انا وأبوية وولدتي واخواني أبوية معاه حزمة مشل يِفْتلْ شِكالْ للثور وولدتي تِظنْ لها مِصَلّه من طفي صافي تبغاها للمسجد .أنا وأخوية سالم حطينا ألفانوس بيننا على ألشبري نذاكر الدروس ، قال أبويه خلاص ارقدوا أنت ياعلي بكرة معاك مسراح ألسوق ، أحط نفسي على الشبري اتقلب ساعة وأرقد ساعة فرحان بالمسواق لأول مرة أسوق وحدي ، غفت بي عيني مع قرب الصبح احِسْ الاّ أبوية ينبهني قم الصلاة ، نُروحْ نصلي صبح في المسجد ونْرَوِح ناجي على ولدتي قد حمّسَتْ قرص حالي من الليل وبسكت ابوميزان وشوية مِشَبك والجبنة فايرة تصب لنا صبّة قهوه ونصَفِر انا وأبوية وأقوم ألبس وِزْرة معايه مصبوغه وكرته مقلمه أبيض مع اخضر واربط الشبحة على الوِزْره وأعصب على راسي بالغتره وأحزب بشفرتي ألغِمارية تشَرّبها من شدة الحد ويعطيني أبوية زناقة قال لي أشكم بها جيب الكرته حتى لا يسرقون عليك الفلوس من ألجيب ، قلت أبشر ، نروح نِضَحي الهوش ونعزل الكبش الارقم لحاله أطرح له شوية حب ذره وأسقيه ماء بعدين أبوية يجيب عِقْوة يحطها في رقبة الكبش ويلفها عليه وأشل عصاتي وزنبيل معاية أربطه بمقران ألرّحْل وأركب على الحمار ويخَرِجْ معايه أبويه حتى خارج الدارة ، نلاقي أبوية حسين مسَوق معاه جَلْب غنم وضأن قال خليك مع ابوك حسين حتى تصلون السوق واذا وصلت السوق أربط الحمار وأمسك عقوة الكبش وخليك واقف في بطن السوق حتى ياجيك مشتري ولا أوصيك و في القبول ، نزلنا مع حرف الوادي ألصباح ، الوادي مغيم من الغبار من كثرة هوش ألجلب التي سوف تُجلب في السوق من الضان والغنم والجمال والبقر ،والناس الذي راكب والذي ماشي والذي مِحَمِل طِفِي والذي معاه حِبال للبيع والذي معاه عِجَار للبيع كل واحد معاه حِمْله لبيعه في السوق ، تخيل هذا ألمنظر ألرهيب وأنت تسمع أصوات الهوش وأصوات الناس والحريم والرجال وألأولاد ، الوادي له رجّه جميعهم مِبَرهين ألسوق والوادي على مد بصرك نظيف مافيه ولاَشجرة ، وصلنا السوق أربط حماري وامسك عِقْوة الكبش وأسُوقه حتى مجلب الغنم في برحة بجنب الوالدا عبده كسراوي رحمه الله ، جاني أول واحد مشتري دفع لي في الكبش ١٥ريال قلت له عادك ادفع وصلها٢٠ ريال ووقف أبيْت ما أبيعه أبغ زود ، أنتظر حتى نَهَره يجي واحد ويدفع ٢٥ ريال أشاَوِرْ أبويه حسين في البيعة قال لي بيعه ، قلت للرجل هاتي فلوسك يعطيني خمسة وعشرين ريال وأحطها في جيب الكرته واشكمها بالزناقه وأقول لبوية حسين أشى أدخل السوق ألفلف للبيت مقاضى قال روح في القبول ، أشل زَمْبِيلي فوق ظهري والعصا في يدي وأنا خارج من المِجلَب أشوف دكان صغير على يساري للوالد عبده كسراوي رحمه الله رحمة واسعة وحوله المَساوِقة وهاذِيك الابتسامة الحاليه التي تشرح الصدر وهو يلف قرطاس من الجرائد بخيط وهو يمزح مع هذا ويضحك مع هذا في جو كله سعادة. وأمشي شوية على يميني اشوف الوالد الشتيفي رحمه الله دكانه ملان من المساوقه وهم حوله في أُلفة ومحبه ،وأدخل السوق الداخلي من جهة أهل المخضارة والبعثران والشيح تشم ريحتها من بعيد إلْي يشتري والي واقف يتفرج والذي لفت انتباهي وجود القات بكثرة في أقرَافْ مرصوصة بعضها على بعض مع المخضارة وبعض حزم قات قدامه مُنَشّرة امام الناس ولا واحد يدَوِر على ألقات إلاّقليل، وأمشي شوية مِسَفِل داخل السوق عند أهل ألبَز أسمع واحديقول الجديد وصل ألجديدوصل ثوب حرب صنعا وصل وهو عبارة عن قماش أحمر حرير مزخرف بالورود الحمراء اعجبني قلت أشتري لولدتي كرته ، قلت له اقطع لي كرته قطع لي ودفعت له فلوسه وأحطها في الزنبيل وأمشي شوية مِيَمِن خطوةتفصل السوق الداخلي وهو الان الخط الذي ضيقته البلدية الشق الثاني من السوق اشاهد مساوقة حول رجل اسمع صوته من بعيد معظمهم بَدْو ومن بيش يبيع البن والحوار والهيل وكل لوازم البيت اتقرب منه الاّ هو ابويه مستور رحمه الله رحمة واسعة اسلم عليه وأوقف عنده واشتري بن وحوار وسكر يقرطسها في ورق جرايد مكتوب عليها بالانجليزي واحطها في الزنبيل أمشي شوية مِسَفِل إلا دكان جنيد عكيري دكانه مليان مساوقة اسلم عليه وأسفل شوية اشوف الوالد برعزدين شامي بحري ذالك الرجل الوقور ابتسامته لا تفارق محياه له دكان صغير يجمع كل ما يخطر ببالك من أدوات السباكة والنجارة وأدوات الكهرباء اسلم عليه وانا
على اوّلِي مِيَمنْ حتى أصل عرج عند أهل الحب الحَناطه أجلس تحت عرج اشوف الوالد ضيف الله مريع في يده مخياط يشك به عجرة حب والجمال بوارك في المحناط محملة اكياس ابوعرقة حب شويةواشوف واحد يقول اربعة اكواس شاهي بقرش يعني شاهي على الجمر يَصب أربعة اكواس شاهي اشربها . إلاّ وأنا اسمع الصايح يصيح يقول يااهل عقم طِهْمَز يأهل عقم طِهْمز الحاضر يبلغ الغايب بكره برهوا العقم رُدُوه يقولكم الشيخ كل احد يبرة بضمده والحاضر يعلم الغايب ويكررها في كل مكان في السوق ، أيضاً اسمع صايح ثاني يقول يامَنْ لقي ثور أدغَمْ لبراهيم بر حسين من قرية ألفارقَة يِعْقل به على راعيه والبشارة عشرة ريال ، بعدما شربت ألشاهي أجاني ضمأ، أشوف واحد يقول برِدْ برد معاه رجبية فوق كتفه باردة ومعاه كاس صغير ابيض أقول له أسقني ملاّلي الكاس مرتين بربع قرش الجو حار أشرب وأعطيه فلوسه وارجع في طريقي قِدِينا قرب الظهرعند أهل أهل ألمِشَبّك والحلاة ، ومع رجعتي أشوف ألأستاذ جيلان في دكانه أسلم عليه هاذك الثوب الأبيض النيلي والطاقية الجيزانية قد لاقَت على رأسه والنظارة السودا شخصية جميلة الله يرحمه ، اشْتَري مشبك وحلاوة وصُبّع زينب وحناني ومضروبة يقرطسها لي في ورق الجرايد ويلف عليها الخيط وأحطها في الزنبيل وارجع عند أهل المخضارةواشتري شوية مخضارة يلفها في قُرْف والقرف هو خَلْس شجرة الموز وأحطها في الزنبيل قديه مليان ، أعَوِد أروح اشتري زنبيل ثاني صغير أداول به وأروح عند الحواته واشتري حوت مِشْوي قزاميل ويربطه بطفية واحطه في بطن الزنبيل وطير كسِيف ، وارجع عند أهل الموز ، موز اصفر عَيباني بلدي له طعم وريحه متلقاها اليوم اشتري منه واحطه فوق المقاضي الزنابيل قديها مليانه واحطها عند الاستاذ جيلان واقول له حِسْلي بالمقاضي حقي أبغَ اروح أفك الحَامِلَه حقي عند المجلاب ، اروح افكها وآجي أحمل عليها المقاضي وأركب مروح القرية ، في طريقي مريت المساني على حرف الوادي لقيت بَيْشي واقف عند ألبير يبرح على ثور معاه ، قلت له هبلي طماطيس وبامية وبذجان وبقل يحطها لي في تَنَكه صغيرة ويحطها في حِبي واضرب الحمار وأروح البيت يقابلُوني اخواني الصغار يصيحون والله أحمد روح والله احمد روح يبغون حلاوة أصِل البيت أوقف بجنب الطراحة وياجي أبوية ويخرط معايه المقاضي وهو مبسوط وتخرج ولدتي من العشة وترحب بي وتقول رَوحت لاعانني عنك تِعبْت أليوم ، مشاءالله عليك ماقصرت هيّ روح توضي وتعال الغدا جاهز حيسيه حامض والسمن في وسطها نتغدى سوا ونقوم نروح نصلي عصر وولدتي خرجت المقاضي وفرحانة بالثوب ألجديد الذي شريته لها حرب صنعا والمخضارة وقالت خلاص من ذحين وشِلْ متْسَوقْ الا انته . وهذا وصف ليوم كامل في سوق أم ألخشب من هذا المقال نستخلص اننا بحاجة الى زرع الثقة في ابنائنا وتكليفهم ببعض ألأمور ألعائلية ونصطحبهم معنا الى السوق حتى تكون عندهم دراية بأمور السوق وأنهم سوف يكونون عماد المستقبل من وقت مبكر آمل ينال هذا المقال اعجابكم واستحسانكم وصل الله على محمد واله وصحبه اجمعين
تفسير لبعض الكلمات الغامضة
——————————————
تفسير لبعض الكلمات الغير مفهومة
*-ألأرقم : ماخاط السواد البياض وخاصة عند الرقبة
*-جلْبْ : وهو ماأعد للبيع من الماشية ساء كان أغنام او بقر
*-كوز : وهو الأبريق المعد للوضوء
*-صبّه من القهوة : وهي مجموعة من الفناجين سواء كانت للشاي او القهوة
*-نصَفِرْ : نفطر
*-الكرته : وهو الشميز الذي يلبسه الرجل
*-زناقة : مشبك من حديد
*-الشّكم : تسكير الشيء او خاطه بالخيط اوغيره
*-نِضَحي للغنم : نطرح لها قصب او شعير
عِقْوة : هو حبل يربط به رقبة الخروف اوالتيس
طِفِي : وهو ورق او خوص الدوم او النخل
*-عِجَار : وهو وعاء مصنوع من أخوض يشبه الكيس يوضع فيه الحب