ليتنا كنّا ناضجين عندَ الاختيار!
ليتنا كنّا ذا شيبةٍ سبعينية قد سئمتْ من هذه الدنيا وملذّاتها!
شيبةٌ بيضاء سئمتْ كل مكاذبِ الحبّ وخداعه!
ليتنا فُضحنا حين اختيارنا قراراتٍ اختارها قلبنا كيْ لا نتمكن من المسير، كي لا نصلَ إلى أشدّ مراحلِ الوهن والعجز في حينِ قرارنا بالتخلّي !
أعاهدكَ يالله بمَ تريد وأنتَ غني عن معاهدتي هذه ولكني رجوتكَ أن تنزعهُ من قلبي نزعاً لا غرسَ له مرةً أخرى!
رجوتكَ إخراجه من قلبي بكلّ جبروتك فلا ترقّ مشاعري لعودته ولا اقترابه ولا تهتزّ أوردتي له بتاتاً !
رجوتكَ قبل نزعهِ ، نزعَ كلّ ما يتعلّق بهِ أيضاً!
انزعِ اسمه وميلاده
انزع تفاصيلَ ملامحه
انزع صوتهُ ونبراته
انزعِ الشّوق و وهنهُ منّي و هل يصعبُ عليكَ النزعُ إلهي؟ بلا شكٍ ولاريب أنتَ قادر!
إلهي .. أودّ مكركَ بـ فرعونَ وقومهِ وأنتَ خيرُ الماكرين!
إلهي .. أودّ جبروتك بـ عادٍ وثمود وأنت أعظم المتجبرين
إلهي .. كلّ تلكَ القواتِ والجبروت لا أودّها أن تؤذيه!
فقط أودّها لإزالتهِ من قلبي!
أمّا عن ردّ وهني له فأنا لا أريدهُ أن يشقى كما شقيت!
لا أستهوي أن ألمحهُ في غماماتِ الهمّ والغمّ وأنا حيّة!
لكنّي أريدُ له أن يتضاعفَ العذابُ ضعفين إن رحلتُ أنا من على البقعةِ الكونية!
أستهوي أن أراهُ نادماً على كلّ تلك السّاعاتِ التي بذلنا بها قصارى جهدنا في مشاكلٍ خَلَقها هو!
أستهوى وسأتلذذ حينما أراهُ نادماً بائساً لأنّ كلّ تلكَ الأعوامِ التي انقضت لمْ تكنْ أن تُقضى كما ينبغي!
لقد ذهبت كلّها ألماً و وجعاً، لقد انقضتْ جميعها فيما لم يكن أبداً!
لقد ابتدت وانتهت في دائرةٍ تحفّها المشاكل ويحفّها لومُ القدر وانتظارُ الصدف!
مشفقةٌ أنا على كلّ تلكَ العلاقات التي ذهبت سُداً في نزاعاتٍ وخلافات!
مُشفقةٌ أنا على جوارحي التي أجهدّتها ولم أجد لها عوضاً حينما هرمت!
مشفقةٌ أنا على أوردتي التي تفجرت ولم تجد حائكاً حينما أعلنتُ الاحتياج!
أيّها السائرون في الطرقات رجوتكم لا تطيلوا الحديثَ مع الغرباء؛ أنتم لا تدرون أيّهم باتَ مُنهكاً في سريرهِ يتألم!
أيتها المارّة على شواطئ البحار أكثروا من عَفركم على رمالِ الشاطئ حتّى تصابَ أعيننا بـ حبّاته فتكن لنا حُجةُ البكاءُ به!
قصّوا علينا قصص الراحلين والأموات، قصّوا علينا قصص الفراق بعد طولِ الحب والنزاع؛ نحنُ نريدُ أن نبكي لكننا نخشى سؤال أقربائنا عن سببِ بكائنا!