الشعر نشاط بشر، وإبداع فني، ويعتبر من أشهر الفنون الأدبية، وأكثرها انتشاراً، وربما كان ذلك لقدم عهد البشرية به، فالشعر هو الصورة التعبيرية الأدبية الأولى التي ظهرت في تلك العصور ضرورة حيوية بيولوجية. إنه الطريقة الوحيدة التي اهتدى إليها الإنسان بحكم تكوينة البيولوجي والنفسي _ للتعبير، والتنفيس عن إنفعالاته، ومنذ ذلك الوقت تحددت لهذا الفن خصائص. استطعنا أن نتبينها في وضوح عندما أراد أن يعبر عن أفكارة، ومن هنا ارتبطت الانفعالات بالشعر، والأفكار بالنثر. والقصيدة بنية لغوية من نوع خاص، توظيف داخل النسق الشعري بشكل متميز، ومن ثم فالشاعر يبحث عن المعنى، ويعثر عليه ويبنيه بنا شعريا من خلال اللغة، وأثناء صراعه معها، كما أنه ليس ثمة معنى يتكامل دون بحث في اللغة، ودون إعادة تشكيل العلاقات اللغوية الموجودة ومبتدعة في نسق خاص، أو هيئة خاصة، ولا أعني بهذا أن كل قصيدة جيدة تقدم اللغة في سياق خاص بها، ويصدق هذا على الكلمات، كما يصدق على العبارات والتراكيب والرموز. وبسبب هذه الخصوصية للشعر، شغلت هذه القضية كثيرا من الشعراء قديما وحديثا، فعندما عجز أهل الجاهلية عن تفسير الإبداع، وأعتقدوا أنه فوق مستوى البشر، نرى بعض الشعراء يزعمون أن الشياطين يلقون على افواههم الشعر، ويدعون أن لكل فحل منهم شيطانا يقول الشعر على لسانه، فمن كان شيطانه امرد كان شعره أجود، وقد ذكروا أسماء للشياطين، فشيطان الاعشى مسحل، وشيطان أمري القيس لافظ بن لاحظ، وشيطان عبيد بن الابرص هبيد وشيطان النابغة هاذر، وشيطان الفرزدق عمرو.
علما بأن الشعراء السعوديون لا يختلفون عن اسلافهم في نظرتهم للشعر فكل شاعر له نظرته للشعر والشاعر حسب رؤيته الذاتية، وموقفه الخاص، وثقافته ومذهبه في الحياة. حيث أن هناك مجموعة من الشعراء تناولوا موضوع الشاعر في قصايدهم، والشاعر عند هؤلاء الشعراء يمثل الذات الشاعرة، باستثناء عبدالله المسيح وعبدالمحسن الحقيل فالشاعر عندهما يمثل الآخر في مقابل الذات الشاعرة. اما بما يخص رؤية الشاعر للشعر تختلف من من شاعر إلى آخر كما اختلف رؤيتهم للشاعر وحديث الشاعر عن الشعر والقصيدة بعينها يمثل رؤية عامة لايقصد الشاعر بها بنا نظرية نقدية فهذي ليست مهمته، ولايسعى إليها بأي حال من الأحوال، بل هي مهمة الناقد فالابداع شيء والنقد شي آخر، وطبيعة الشعر بوصفه فنا تختلف عن طبيعة النقد باعتباره علما من العلوم.