انصرم الثلثان من شهر رمضان، شهر الخير والبركات والإحسان، الذي أنزل فيه القرآن، هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، على أخير الإنس والجان، نبي الحق ورسول الأمان، صلى عليه الحي ما أضاء الفرقدان، أفل ثلثا الشهر الذي جعل فيه الرحمن، ليلة هي خير من أعوام وأزمان، وحث فيه على التبتل له بالجنان والجوارح واللسان، وعلى ترك الجرائر والمآثم وصرط الخطران، فأين من أعتق في لياليه الفواضل من النيران، وظفر برغد نعيم الجنان، ممن تردى بانقضائه إلى درك الهوان، وباء بالخيبة والخذلان ؟! شتان بينهما وشتان !
لم يعد يخفى على اللوذعي والأنوك، والكهدل والغر، ما لوسائل الإعلام سواء ما كان مرئيا منها أو مقروء أو مسموعا من نفوذ متراء، وتأثير متناء، على المؤتلفات والآصرات، سلبا وإيجابا، فهي أشد فتكا بالشعوب، من أسلحة الحس والشعوب، لأنها تعطب المهج والأمرار، كما أنها من أجدى طرق تهذيب أخلاق الأمم، عربا كانوا أو عجم، فهي إذا أداة ذات شأوين، وبأيدينا توجيهها لأفضل المسلكين.
ومع نجوم أولى ليالي هذا الشهر الفضيل، على أمة الخليل بن الخليل، جنت علينا برامج ومسلسلات منظورة، لا تتسم بمزايا الأعمال المحمودة، التي رغب إليها شارع الدين القويم، في شهر التبليل الكريم، وفي كل أون حاضر وعصر قديم، وقد جمعت تلك المسلسلات الناسفات كلا من الفكر المأفون، وقميء المضمون، كما تميزت بالمحتوى الدني، والإخفاق الفني.
ومن جملة المثالب الجوية، التي حملتها تلك البرامج الخوية، من كل المعاني والمقاصد النقية، طنزهم بشعائر الملة الظاهرة، والترويج للقذى والشائبة، ومحاولة طمس الشميلة والخصلة، والتهكم على رجال الرفء والحسبة، إضافة إلى إساءتهم لقبائل وأقاليم البلاد، وانتصابهم لعمد العفاف بالمرصاد، ودأبهم مع ما سبق وما اندلس في إشاعة الفساد.
ورغم جلدهم المتصل المقرون، ببعزقتهم القفار في جميع أوجه الانفضاض والمجون، فهم على درب الإبلاس يسيرون، وإلى سبيل الانفلال يمضون، يصرفون أموالهم ويبددون ثم يبذرون، ليصدوا الأنام عن الحق المصون، فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون، ثم إلى فاطرهم يحشرون.
إن المتأمل في شجب السواد الأعظم من المجتمع المسلم لتلك الأعمال الإعلامية الساقطة، ونبسهم للقائمين عليها أولي الأدمغة التائكة، ليحمد البارئ على لحاق الجيل ومسك فتيانه الناضجة.
وفي نهية هذه المقالة، أزف للقارئ الأنوف البشارة، تلافى سوءاتهم الداعرة، وتهالك على يمني الدنيا والآجلة، تفز بمغاني الوجهاء الأبرار، وتشط كل البون عن النار، فالشهر مدرار، ولكنه خطريف الإدبار.
التعليقات 1
1 pings
محمد المالكي
18/05/2020 في 3:09 ص[3] رابط التعليق
ما شاء الله .. مقالة رائعة أخي محمد.
(0)
(0)