اشتد الحر والأزمان والأوقات ، تغيرت الأشياء ولم تكنْ كسابق عهدها ، أصبح كلٌ منا يتذمر بأصوات مختلفة وأحياناً رنات الأصوات تكون متشابهة ،
نفوسنا أصبحت ضيقة وأرواحنا تشمئز من أدق التصرفات وأدنى المواقف ومن أقصر الحركات ،
لا نتنبه ولانعي ماذا نفعل ؟! صارمين في العادات ،معقدين في التقاليد ، معارضين بشراسة ، سلام علينا ،وسلام على هذا المكر ، وسلاماً على أنفسنا ، وضعناها في أتفة الطرق وأبشع السبل ، لا نعطي كمالاً ولا نصغي أمانتاً ، صرنا في طرقات لا نعرف لها باباً للخروج ولا منفذاً للعبور .
نفعل كل الأشياء من أجل أن لابد علينا أنْ نفعلها فقط ، ليست من أجل أن نفعلها لِنتقنها من الداخل ، تخلو من المصداقية ، تفقد كل معاني الجمال ، باهتة كالألوان التلفزيونية القديمة ، نتقاسم بقوة ونتصرف بغرابة ، فينا جبروت الجشع وافتراس القصورة ، مشاعرنا بشعة ،وأحاسيسنا ضعيفة هزيلة ، لا نلقي بالاً لمن حولنا ، نشبه المشردين ، جائعين ، حتى نسرق أبسط الحقوق لصديق أو قريب بمجرد الكلام عنه أو فيه ، أريد أن أفعل شيئاً رائعاً ، أريد أن أحلق كالطير الأبيض ذو ريشاً ناعماً ، لديه صوت فاتن وجميل يمتلك عصاة سحرية ، أُحلق وأُحلق فوق رؤُوس كل هؤلاء ، لأنثر كل الألوان الجميلة عليهم بهذه العصاة فيزهو وتتغير كل الصفات والطباع لكل شخص واحداً تلو الآخر ، أجعل الكلمات تولد من أعماقها فيهم وأزين تفاصيل مواقفهم وأرش عليهم ورود اللطافة في نفوسهم ،وأُعطر سماء قلوبهم ليكونوا صفوة الأخيار ، لكنْ أعي أن لن استطع ذلك أبدا .