للشر جوانب خير .. هذه وجهة نظر شخصية أقولها دائما وأؤمن بها ، وأيضا هي نقطة خلاف بيني وبين أحد أصدقائي الذي يعتقد - اعتقادا جازما - أن ( الشر ماوراه إلا الشر ) ، وما زلت أحاول إقناعه بأن يكون متفائلا ، وأن يغير نظرته إلى الأشياء التي لاتسر بنظرة أخرى لأن الأيام والوقائع ربما تثبت له عكس مايراه من منطلق أحداثها ، وظروفها المفاجئة التي تحدث تغييرات جذرية في مسارات الحياة ، وطبائع الناس المألوفة في أساليب التعامل مع بعضهم .
هذه مقدمة أحاول - من خلالها- الوصول إلى ماأحدثه وباء( كورونا ) من تغييرات بعضها طبيعية ، وبعضها فرضتها خطورة هذا الوباء على حياة البشرية .
علماء النفس يقولون : إن ممارسة ( أمر ما ) يصبح عادة بعد مرور مزاولتها لمدة واحد وعشرين يوما متتالية وهنا اعود إلى الجوانب الايجابية في
( الأمور السيئة ) وإلى التغييرات التي أحدثها هذا الوباء في حياتنا ، وأصبحت عادات مالوفة بعد مزاولتها مدة تجاوزت ماحدده علماء النفس من مزايا هذه العادات التي منها : أن أبناءنا عرفوا معنى كلمة ( أسرة ) عندما صاروا يرون افرادها مجتمعين في وقت واحد ، وفي مكان واحد تربطهم أواصر المحبة والألفة بل وكما تقول الدكتورة إيمان أشقر طبيبة قلب سعودية وأديبة ، وكاتبة تواصل : إن وباء كورونا علمنا كيف تكون بيوتنا مساجد ، ودور عبادة نحييها بالصلاة والذكر ، وأن الحياة بإمكانها الاستمرار دون مظاهر البذخ التي كنا نحياها في احتفالاتنا ، ومناسباتنا وأن الأحزان ، والأفراح لاتتطلب كل مايحدث من إسراف في مراسم العزاء ، أو ابتهاجات الأفراح ، وأضيف أنا أننا تعلمنا كيف أصبحنا نستمتع بمشاركة آبائنا وأمهاتنا وإخواننا تناول أطعمة وجباتنا التي يتم تجهيزها في منازلنا بمشاركة ربات بيوتنا .
وأكثر من هذا كله أن أبناء هذا الوطن بحكم ماتعودوا عليه من وفرة في الرزق ، ودعة في العيش ، ويسر في جميع شؤون حياتهم بما في ذلك الأمن والأمان كانوا ينظرون إلى ذلك نظرة المألوف والعادي إلى أن جاء كورونا لينبه في دواخلهم وأفكارهم ونظرتهم الفرق الكبير بين مانعيشه وتعيشه أمم أخرى حولنا ، وفي ذلك عبرة لكل من كان لايدرك ذلك .