2020 ما ضاع يا كورونا
الجميع كان في صدمة مع ما أحدثه كورونا في جميع مناحي الحياة على مستوى العالم والذي جعل العالم بأسره في حالة توقف (Pause) ، ولوهله أصبحنا عاجزين عن التفكير ، ونظراً لكون حياتنا كانت قائمة على التحرك وفق ما كنا متعودين عليه ، فكأن الحياة ضاقت بنا بسبب مكوثنا في منازلنا .
في مثل هذا النوع من الأزمات الغامضة والتي لا تملك أنت شخصياً ولا يملك العالم الوقت المحدد لإنتهائها ، ولكي لا يكون عام 2020 عاماً مهدراً من عمرك ويتوقف الزمن لديك ، بل عاماً مليئاً بالمبادرات والإنجازات .
من المهم جداً أن نراقب تحركاتنا وسكناتنا أثناء بقائنا في منازلنا ، ولا نكون ممن هم متسمرين أمام شاشات التلفزيون لمتابعة الأخبار وكل ما يتلعق بأزمة كورونا وممن ينتظرون السبق الصحفي الواتس ابي أو في وسائل التواصل الإجتماعي الأخرى ، للحصول على خبر يفيد بإنفراج هذه الأزمة ، إن نشرات الأخبار تغذي الإنسان بالسلبية ومثل هذه الممارسات تساهم في جعل الشخص في حاله من الإحباط يوماً بعد يوم ، لأنه مع الوقت يكتشف أن الموضوع مطوّل وهو لازال يبحث عن الأخبار المهدئه والتي قد تكون في الأصل إشاعات لا أساس لها من الصحة ، وهو بدوره يقوم بتمريرها للآخرين لتوسيع نطاق المحبطين والمكتئبين في المجتمع من دون وعي بذلك .
في مثل هذه الظروف التي يتطلب الأمر فيها البقاء في المنزل طوال اليوم ، قد تظهر لنا عادات مغرية جداً ولكن نتائجها سلبية على المدى المتوسط، حيث أننا ننقاد إليها بشكل لا إرادي مثل الألعاب الإلكترونية والتي من خلالها تتنافس مع أقاربك وزملائك عن بعد وهم في منازلهم لأوقات طويلة جداً ، وتأخد وقت مستقطع لتناول الطعام بشكل مبالغ فيه بدون أن تشعر ، الأمر الذي يؤدي إلى إضاعة الوقت بشكل كبير بالإضافة إلى زيادة الوزن والذي يلقي بضلالة على صحة الفرد خلال أزمة كورونا .
إن ما يحز في النفس بأنه بعد أن تنجلي هذه الغمه بإذن الله سيكتشف أفراد هذه الشريحة بأنهم لم يتحركوا قيد أنمله من أماكنهم ، وأن الحياة لم تتوقف بل كانوا هم الواقفين في أماكنهم . في حين أنه يشاركهم في هذه الأزمة أناس كانوا على قدر كبير من المسؤوية تجاه أنفسهم وينظرون إلى هذه الأزمة من زاوية مضيئة ومليئة بالإيجابية والسعادة المعدية لجميع من هم حولهم ، سخروا جميع الإمكانات المتاحة لهم داخل منازلهم من أجل المساهمة في الإرتقاء بذواتهم وبمن حولهم من خلال الدورات التدريبية ، والقراءة المتنوعة في مختلف المجالات ، والبعض عكف على التأليف وكتابة المذكرات ، والبعض الآخر قام بوضع خطط مستقبلية لمشاريع قادمة للشروع فيها بعد إنتهاء أزمة كورونا .
هذه الشريحة الإيجابية من المجتمع مدركين بأن مفاتيح إنهاء أزمة كورونا ليست بأيديهم ، لذلك لم يشغلوا أنفسهم بها ، بل قاموا بالعمل على أنفسهم وتغيير بعض العادات اليومية التي تدعم تعزيز الإيجابية ونشر السعادة في محيطهم العائلي .
ولكي لا ينجرف الأفراد الواعين في العادات السيئة ، فإن البعض قام بحذف تطبيقات وسائل التواصل الإجتماعي من جواله لأيام محددة يقوم بإستغلال تلك الأيام بشكل يساهم في توطيد العلاقة العائلية ، والتركيز على الإثراء المعرفي الذي يعود عليهم بالنفع . حيث يستفيد الإيجابيين والمفعمين بالسعادة الداخلية لتطوير أنفسهم من خلال ممارسة رياضة العقل ، ألا وهي القراءة والتي بها نحافظ على قوة وصحة العقل وتوسيع المدارك .
من الحكمة أن يتم تغيير كثير من قناعاتنا التي لا تتناسب مع الأوضاع التي نعيش فيها ، حيث إن تغيير القناعات أمر طبيعي ويدلل في الكثير من الحالات على درجة النضج والوعي والمرونة التي يتمتع بها الشخص للتعايش مع الأزمات وإستغلالها بشكل يجعل منها تجربة تكون إضافة لحياة الشخص .